Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 22/04/2013 Issue 14816 14816 الأثنين 12 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

بدعوة كريمة من المسؤولين في جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للسلام العالمي ذهبت إلى مدينة دبي في الأسبوع الماضي للمشاركة في الملتقى الأول لجوائز السلام، الذي عُقِد هناك لأتَّحدث فيه عن جائزة الملك فيصل العالمية.

وكان من سعادتي أن الرفيق في السفر والإقامة صديقي عبد الله بن عبد الرحمن المرشد، الذي هو نعم المعين والمؤنس؛ سفراً وإقامة.

كانت مدة الملتقى يومين: يومي الأربعاء والخميس. وكان من الجهات التي شاركت فيه - إضافة إلى جائزة الملك فيصل العالمية وجائزة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للسلام العالمي - مؤسسة السلام العالمي من ماليزيا، وجائزة السلام العالمي من أمريكا، وجائزة سيول للسلام من كوريا.

وكان حديثي في الملتقى بعنوان: “جائزة الملك فيصل العالمية؛ نشأة ومسيرة”. وقد ذكرت في ذلك الحديث أن من توفيق الله لأولاد الملك فيصل، رحمه الله، أن بادروا بعد وفاته - عام 1395هـ - بعام واحد بإنشاء مؤسسة الملك فيصل الخيرية؛ مؤسسة رائدة في ميدان العمل الخيري النَّيِّر من أولويَّاتها تشجيع طلاب العلم ونشره من جهة وتكريم العلماء وتقديرهم من جهة أخرى. فكان أن أنشأوا مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ومدارس الفيصل، كما أنشأوا - لاحقاً - جامعة الفيصل. وكان أن أنشأوا جائزة عالمية تحمل اسم أبيهم سَمَّوها جائزة الملك فيصل العالمية تمنح سنويّاً تقديراً للجهود الرائدة النافعة لأُمَّتنا المسلمة، المُكوِّنة جزءاً كبيراً من العالم، بخاصة وللبشرية بعامة؛ دعوة طيبة وفكراً نَيِّراً أو ممارسة بَنَّاءة رائدة ذات نفع عظيم لتقدُّم الإنسانية كلها.

وأوضحت في الحديث أن الجائزة بدأت بثلاثة فروع هي خدمة الإسلام، والدراسات الإسلامية، والأدب العربي، وأن منحها أَوَّل مرة في هذه الفروع الثلاثة كان عام 1399هـ - 1979م. ثم أضيف إلى تلك الفروع الثلاثة - عام 1981م - فرع رابع في الطب، وفي العام التالي أضيف إليها فرع خامس في العلوم، فأصبحت تُمنَح في خمسة فروع. على أن لكل فرع من الفروع العلمية الأربعة موضوعاته المُتعدِّدة.

ثم ذكرت أنه قد فاز بالجائزة بفروعها الخمسة حتى الآن 229 من إحدى وأربعين دولة في العالم: في خدمة الإسلام 40 من عشرين دولة؛ وضمن هذا العدد خمس مؤسسات، وفي الدراسات الإسلامية 33 من أربع عشرة دولة، وفي اللغة العربية والأدب 45 من ثلاث عشرة دولة بينها مؤسسة علمية هي مجمع اللغة العربية بالقاهرة، وفي الطب 61 من إحدى عشرة دولة، وفي العلوم 49 من إحدى عشرة دولة أيضاً.

وتُمنَح الجائزة لمن استحقها دون النظر إلى جنسه أو دينه أو جنسيته. وللمرأة فيها دور ومكانة واضحان؛ مُحكِّمة للأعمال المُرشَّحة، ومشاركة في لجان الاختيار العلمية، التي لها القرار النهائي في منح الجائزة أو حجبها، وفائزةً بها. وقد فازت بها- خلال سنوات مسيرتها - تسع نساء؛ أربع في الأدب العربي، وأربع في الطب، وواحدة في الدراسات الإسلامية؛ وهي بريطانية مسيحية.

وبعد ذلك فَصَّلت الحديث عن خطوات الترشيح للجائزة؛ ابتداء من الخطوة الأولى التي تنطلق من قرار لجنة الاختيار؛ مشيراً إلى أن لكل فرع من فروع الجائزة لجنته الخاصة به، التي تُحدِّد الموضوع الذي يكون الترشيح فيه كل عام على حدة. وبَيَّنت أنه لا بد أن يكون العمل المرشح رائداً في ميدانه، ومنشوراً نشراً علمياً استفاد منه المُتخصِّصون خاصة والبشرية عامة. وهناك مُدة مُحدَّدة لقبول الترشيحات، التي يجب أن تكون عن طريق جهة علمية. وإذا اكتملت الترشيحات المُتَّفقة مع الموضوع المعلن أُرسِلت الأعمال المقبولة للترشيح القابلة للتحكيم إلى ثلاثة حكام مُتخصِّصين؛ كل واحد منهم في قارة من القارات، ولا يعلم أحدهم بالآخَرَين. ويدرس كل واحد منهم تلك الأعمال مدة شهرين ونصف الشهر أو ثلاثة أشهر. ثم يوافي الأمانة العامة للجائزة بتقرير وافٍ عما يراه من منح الجائزة أو حجبها. وإذا تسلَّمت الأمانة تقارير الحكام دعت لجان الاختيار إلى الاجتماع للنظر في تلك التقارير، وتقرير ما تراه في ضوئها وحَسَب تَخصُّصها. ويكون اجتماع لجان الاختيار لكل فروع الجائزة الخمسة، عادة، في الشهر الأول من كل عام ميلادي. وبعد إعلان نتائج اجتماعات لجان الاختيار بشهرين تقريباً يقام احتفال - برعاية خادم الحرمين الشريفين، أو من ينيبه، - تمنح فيه الجائزة لمن تقرر منحهم إيَّاها. ويواكب الاحتفال إلقاء الفائزين محاضرات في جهات علمية أو بحثية حول ما تَوصَّلوا إليه من إنجازات استحقوا بها نيل الجائزة.

وقد ذكرت قرب نهاية حديثي عن جائزة الملك فيصل العالمية أنه يبدو أن مسيرتها - والحمد لله - مُوفَّقة، وأنه من أدلَّة ذلك التوفيق ما تحقَّقت لها من ريادة في تكريم الروَّاد في مجالي الطب والعلوم بالذات. فقد نال جائزة نوبل في هذين المجالين ستة عشر ممن سبق أن فازوا بجائزة الفيصل على العمل نفسه؛ إضافة إلى عدد غير هؤلاء نالوا جوائز مضاهية لنوبل؛ مثل الميدالية الوطنية للعلوم، التي تُسمَّى نوبل الأمريكية، والتي يُسلِّمها الرئيس الأمريكي للفائز، أو الفائزة، في حفل مهيب بالبيت الأبيض.

وفي ختام حديثي قلت: إن تقدير الذين خدموا المسلمين؛ وهم - كما سبق أن ذُكِر- جزء كبير من سكان العالم؛ سواء كانت هذه الخدمة لمن قام بدعوة حسنة وفق فكر نَيِّر، أو خدم وطنه بجهد مُوفَّق نتج عنه تَقدُّم ذلك الوطن في مختلف جوانب الحياة، وجه مشرق جِليّ من وجوه تحقيق السلام للبشرية. أما الفروع الأربعة العلمية الطابع من فروع الجائزة فمن الواضح أنها تقدير لكل إنجاز علمي نتج عنه - أو سينتج عنه - نفع للبشرية. وانتفاع البشرية بهذا الإنجاز مما يسهم في تحقيق السلام للعالم كله. على أنه ينبغي أن لا يغيب عن الأذهان أن من أهم وسائل تحقيق السلام في العالم - إن لم يكن أهمَّها - هو تحقيق العدل؛ سواء كان ذلك الأمر مُتعلِّقاً بمجتمع بعينه أو كان بين الدول المختلفة. وهناك قول مأثور صادق وجميل؛ وهو أن العدل أساس الملك؛ أي الملك الرشيد بطبيعة الحال. ذلك أن العدل مفتاح تَحقُّق الأمن، والأمن مفتاح كُلِّ تَقدُّم. ومما يُؤثَر، في هذا المجال، قصة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -؛ وهي أنه خُوطب حين وجد نائماً تحت شجرة؛ وهو الخليفة: “عدلت فأمنت فنمت”.

أما بالنسبة للسلام بين الدول فإن من الواضح أن عدم توافره بالمستوى المرجو ناتج عن ظلم الدول القوية للأم الضعيفة، وأن ما تَدَّعيه بعض الدول القوية من سعيها للسلام هو مُجرَّد نفاق.

الملتقى الأول لجوائز السلام العالمي
د.عبد الله الصالح العثيمين

د.عبد الله الصالح العثيمين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة