|
الجزيرة - عبدالكريم الشمالي:
تقود وزارة الشئون البلدية والقروية حالياً، جهوداً لتطبيق الكشف المختبري على كافة المشروعات الإنشائية الحكومية، وذلك لتلافي تمرير شحنات حديد أو خرسانة متدنية المواصفات. في هذا الإطار، تعقد الوزارة ندوة متخصصة حول المختبرات دعت لها أكثر من 600 متخصص. وكشف كشف معالي الدكتور حبيب بن مصطفى زين العابدين وكيل وزارة الشئون البلدية والقروية رئيس الإدارة المركزية للمشروعات التطويرية بالوزارة أن المختبرات السعودية تمكنت طوال السنوات الماضية من كشف محاولات غش وتلاعب من قبل بعض الموردين لمواد البناء الأساسية مثل شحنات حديد التسليح والتي كانت واردة من دول أوروبية بعد أن تم إكتشاف أنها مصنعة في دول آسيوية وبإمكانات ضعيفة ومواصفات متدنية وهو ما جعل الموردين والمقاولين المحليين والدوليين أكثر حرصاً في تحري مواصفات جودة مواد البناء لعلمهم المسبق بوجود مختبرات مركزية سعودية متخصصة وقادرة على كشف أي تلاعب أو احتيال، لافتاً إلى أن جميع مواد البناء بما في ذلك القماش المستخدم في إنشاء مخيمات الحجاج بمشعر منى خضعت للإختبار في المختبر المركزي في الرياض والذي أنشئ قبل 35 عاماً بأحدث التقنيات وقتها لإجراء كافة أنواع الاختبارات بما في ذلك اختبار المشروعات الإنشائية كالجسور والمباني بالكامل، بالإضافة إلى المختبرات التخصصية مثل مختبر التربة ومختبر الكيمياء والذي يقوم بدور كبير في تحليل المشكلات التي قد تحدث في بعض المباني لتدني جودة مواد البناء كالأسمنت أو غيرها من المواد الأخرى.
وقال زين العابدين حول إمكانية إلزام الجهات الحكومية بإخضاع مشروعاتها للاختبار عبر المختبرات التابعة لوزارة البلديات، «حتى الآن لا يوجد نظام أو قرار يلزم الجهات الحكومية بذلك إلا أنه يجب أن تكون هناك جهات رقابية محايدة تراقب المختبرات الأهلية والمقاولين وهو أمر معمول به في كثير من الدول المتقدمة، مشيراً إلى أن الندوة تهدف إلى نقل هذه التجربة إلى المملكة وتعزيز قدرات المختبرات الأهلية لأداء دورها في ضبط الجودة في المشروعات الإنشائية ومواد البناء وإخضاع تقاريرها لجهات حكومية محايدة وحدها لا تستطيع القيام بهذا الدور، وهو ما يتطلب وجود مختبرات أهلية معتمدة بما يواكب النمو الكبير في المشروعات الإنشائية في جميع المناطق شريطة تأهيل المختبرات الأهلية ومتابعة أدائها لمواجهة أي تلاعب في نتائج الإختبارات.
وأوضح د. زين العابدين أن هناك لجنة من وزارة المالية ووزارة التجارة والصناعة والبلديات وبعض الجهات الأخرى تبحث إعادة تهيئة المختبرات وآليات عملها تمهيداً لوضع نظام مناسب يعزز من قدرتها على ضبط الجودة في المشروعات الإنشائية.
وأضاف الدكتور زين العابدين خلال المؤتمر الصحفي للتعريف بفعاليات ندوة ومعرض «مختبرات الجودة في المشروعات الإنشائية» والتي تنظمها وزارة الشئون البلدية والقروية خلال الفترة من 11 – 13 جمادى الآخرة 1434هـ بمدينة الرياض تحت مظلة الاجتماع الوزاري للوزراء المعنيين بشئون البلديات بمجلس التعاون لدول الخليج العربية: أن القيادة الرشيدة استشعرت أهمية إنشاء مختبرات متطورة لمراقبة الجودة في المشروعات الإنشائية بما يدعم خطط وبرامج التنمية الوطنية، وصدرت الموافقة السامية بأن تتولى وزارة الشئون البلدية والقروية مسؤولية إنشاء المختبرات الحديثة والإفادة من الخبرات والتجارب المتطورة في هذا الشأن، مؤكداً أن تنظيم ندوة مختبرات الجودة في المشروعات الإنشائية والمعرض المصاحب لها برعاية سمو وزير الشئون البلدية والقروية يمثل خطوة كبيرة للإطلاع على التجارب الدولية المتقدمة في مجال مختبرات الأعمال الإنشائية ومواد البناء من خلال مشاركة ما يزيد عن 600 خبير ومتخصص من داخل المملكة وخارجها. ولفت الدكتور زين العابدين أن تنظيم ندوة مختبرات الجودة في المشروعات الإنشائية يأتي بناء على توصية من الاجتماع الوزاري لوزراء البلديات بمجلس التعاون الخليجي لمناقشة دور المختبرات الحكومية والأهلية في ضبط المشروعات الإنشائية، مؤكداً أن اللجنة التحضيرية للندوة تلقت عدد كبير من البحوث العلمية من الخبراء والأكاديميين المتخصصين في هذا المجال من جميع دول العالم تم تقييمها من قبل نخبة من المحكمين الدوليين، واختيار 71 بحثاً علمياً لمناقشتها خلال الجلسات العلمية للندوة، بالإضافة إلى عدد من الخبراء من أشهر المراكز والمعاهد العلمية المشهود لها عالمياً في مجال المختبرات وجودة المشروعات الإنشائية مثل الهيئة الأمريكية للاختبارات والمواد ASTM وجمعية الخرسانة البريطانية والمعهد الفيدرالي لبحوث المواد واختبارها في ألمانيا وعدد من الهيئات والمراكز الأخرى في فرنسا وسويسرا لإلقاء محاضرات متخصصة لنقل الخبرات ورفع مستوى جودة الإنشاءات في المملكة ودول الخليج العربي.
وتطرق د. زين العابدين خلال المؤتمر إلى تجربة الوزارة في تطبيق برنامج التفتيش المفاجئ، مؤكداً أن البرنامج أنجز أكثر من 500 ألف اختبار لعينات عشوائية من مواد البناء في المشروعات الإنشائية وهو الأمر الذي يفيد في اكتشاف الأخطاء في وقت مبكر بما يساعد المقاولين وأصحاب المشروعات لعلاجها وتصحيحها وتحقيق معايير الجودة في كافة المشروعات الإنشائية، وأشار د. زين العابدين أن برنامج التفتيش المفاجئ يتم تطبيقه على كافة المشروعات التابعة لوزارة الشئون البلدية والقروية ومن مشروع خيام مشعر منى وقطار الحرمين الشريفين، موضحاً أنه سوف يتم عرض تجربة هذا البرنامج بالمعرض المصاحب للندوة ومناقشة إمكانية تطبيقه على كافة المشروعات الإنشائية بشكل إلزامي لتحقيق المتابعة الدقيقة لأعمال المقاولين والشركات المنفذة للمشروعات وتفعيل آليات مراقبة الجودة في هذه المشروعات.
وتحدث د. زين العابدين عن تعاون وزارة البلديات مع الجامعات والهيئات العلمية السعودية لتعزيز آليات ضبط الجودة في المشروعات الإنشائية وإجراء ثلاثة بحوث مع جامعة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لضبط الجودة في مصانع الخرسانة الجاهزة وكشف التجاوزات والتلاعب في المواد اللازمة لتصنيع الخرسانة الجاهزة.. مشيراً إلى أن بعض المقاولين ومصنعي مواد البناء يحرصون على إخفاء مثل هذه التجاوزات حتى لا يتم اكتشافها عبر تحليل البيانات الإحصائية أو التجارب المعملية على غرار ما تم تنفيذه في مدينة الرياض والتي استفادت كثيراً من البحث الإحصائي في تحسين جودة الخرسانة بالمشروعات الإنشائية. وعبر د. زين العابدين عن أمله أن يتم تطبيق برنامج البحث الإحصائي في جميع مناطق المملكة.