|
لم يكن بدر يدري أن الإجازة الاضطرارية التي أخذها من العمل ستكون بداية النهاية لمسيرته العملية داخل أروقة المكان الذي كان يمني النفس باستمرار رحلة كفاحه في الحياة فيه.
والمفارقة الغريبة التي وقف بدر أمامها مذهولاً أن هذا المكان الذي كان يعمل فيه حارساً فُصل منه ثم عاد إليه سجيناً، إنه أحد سجون الطائف الذي احتضن بدر عريفاً ثم خطفه من بين أبنائه وزوجته ليودعه سجيناً بأحد عنابره.
بدأت معاناة بدر (36 عاماً) قبل نحو سبع سنوات بعدما عاد من إجازته الاضطرارية، إذ فوجئ برفض قرار مباشرة العمل لتأخره في العودة بسبب ظروف خاصة كان يمر بها، ومن ثم صدر قرار فصله، فأصيب بخيبة كبيرة خفف من حدتها بعض زملائه القدامى، مقترحين عليه تقديم التماس من أجل الموافقة على عودته للعمل، تقديراً للظروف التي مر بها، مؤكدين له أن هذا الإجراء هو الحل الأمثل لهذا الأمر، وأن مشكلته الوحيدة هي احتياجه إلى بعض الوقت؛ حتى تنفرج كربته ويعاود ركض العمل من جديد.
قدم المفصول الثلاثيني التماسه، وأخذ يترقب الرد الإيجابي عليه، ومع مرور الوقت، وتأخر الرد، لم تتراجع حاجات أسرته وأطفاله الخمسة، وعن ذلك يقول شقيقه: (أمام هذه الاحتياجات الأسرية المتواصلة والمتنامية، وفشل بدر في الحصول على فرص وظيفية أخرى، لم يكن أمامه سوى الاستدانة لتيسير أمور بيته؛ فبدأ يستدين على أمل أن العودة إلى وظيفته السابقة ستكون قريبة، وأنه سيرد ما عليه، لكن حدث ما لم يكن يتوقعه).
يقول شقيق بدر: (تراكمت عليه الديون، ولم يُبت في التماسه، وبدأ يستدين من هذا؛ ليسدد دين ذلك، ولكن هذا لم يكن الحل؛ إذ بدأ يعاني أعراضاً نفسية واكتئاباً حاداً نتيجة هذه الأوضاع المادية المتردية، وتفاقمت عليه الديون حتى بلغت نحو 500 ألف ريال؛ فوقف عاجزاً عن التصرف، ولم يجد مخرجاً من هذا إلا إخبار الدائنين بعدم قدرته على السداد، وأنه يتحمل تبعات ما جنت يداه مضطراً لرعاية صغاره وأهل بيته. وإزاء ذلك اتجه هؤلاء الدائنون إلى القضاء ليحسم هذا الأمر؛ فسجن، وقد مر على ذلك نحو عامين دون حول منه ولا قوة، سوى الدعاء إلى الله بتفريج كربته، مستعيناً بحفظ كتاب الله، ليعود إلى صغاره وزوجته الذين يناشدون أهل الخير ليلاً ونهاراً لمد يد العون لأبيهم).