إن المُراقب لما يدور في قطاع الطاقة السعودي مؤخراً، يجدُ ثقافةً جديدة وفكراً جديداً ومجهودات جبارة لتوسيع نطاق هذا القطاع لكي لا يقتصر - كما كان سابقاً - على النفط والغاز الطبيعي، سواءً كان في مجال توليد أو استهلاك الطاقة وترشيدها.
هذه الجهود المشكورة يقودها رجال تشرفتُ بمعرفتهم وتبادلت الحديث معهم، فوجدت أنهم يملكون حِساً وطنياً وانتماءً لهذه الأرض الطيبة التي وهبها الله سبحانه وتعالى ثروات وفضائل لا تُعد ولا تحصى،
وكأنها استجابةً لدعوة نبي الله إبراهيم عليه السلام التي ذكرها الله في القرآن الكريم: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِير}ُ. البقرة (126).
فنجد عملاً جاداً يُضاف إلى الإستراتيجية الوطنية الناجحة للطاقة الأحفورية، وذلك من خلال تطوير إستراتيجية مستقبلية وأهداف بعيدة المدى لتوليد الطاقة المتجددة سواء عن طريق الشمس - التي نادينا كثيراً باستغلالها وأطلقت عليها سابقاً لفظ «الطاقة المهدرة»- والطاقة النووية (بالرغم من أنني لا أحبذها) وذلك من خلال ما يلي:
1 - إنشاء مدينة الملك عبد الله للطاقة النووية والمتجددة وما قامت به خلال السنوات القليلة منذ إنشائها من جهود كبيرة لتطوير هذه الإستراتيجية.
2 - جهود مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية التي طورت وبدأت بتنفيذ الخطة الوطنية للتقنية مع وجود قطاع الطاقة كأحد أهم روافد هذه الخطة بما فيها برنامج استغلال الطاقة الشمسية لتحلية مياه البحار ومشروعها التجريبي الذي سوف يرى النور قريباً - إن شاء الله - في مدينة الخفجي الساحلية.
3 - قيام جامعة الملك عبد الله للعوم والتقنية وبرامج الأبحاث المتقدمة الخاصة بالطاقة الشمسية والتحدي الذي طرحه معالي الوزير المهندس على بن إبراهيم النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية على هذه الجامعة الفتية للوصول إلى مرحلة تصدير الطاقة الشمسية.
4 - جهود وزارة البترول والثروة المعدنية من خلال مجلس البترول الأعلى الذي يقودُ ويُوجه دفة قطاع البترول والغاز السعودي ويهتم بكافة شؤون البترول والغاز والمواد الهيدروكربونية الأخرى، بالإضافة إلى البرنامج الوطني لترشيد الطاقة الذي يقوده معالي نائب الوزير لشؤون البترول سمو الأمير عبد العزيز بن سلمان.
5 - نجاحات أرامكو السعودية التي تُطبق بنجاح باهر إستراتيجيات مجلس البترول الأعلى وتوجيهات وزارة البترول، حيث استطاعت هذه الشركة العملاقة المحافظة على مكانة المملكة العربية السعودية في مقدمة قطاع النفط والغاز العالمي بما فيها من اكتشافات جديدة لحقول النفط والغاز وتنفيذها لمشاريع تطوير حقول النفط والغاز الجديدة وآخرها حقل منيفة الذي سوف يُضيء قريباً نجمة أخرى لنجوم أرامكو في سماء المملكة العربية السعودية النفطية التي أبهرت العالم أجمع.
6 - وأخيراً وليس آخِراً الجهود المشكورة التي تبذلها وزارة الكهرباء بقيادة سعادة الدكتور صالح العواجي نائب الوزير لشؤون الكهرباء المتمثلة بعقد الندوات والمؤتمرات لرفع ثقافة الترشيد في المجتمع السعودي.
الحقيقة أن الطاقة بمفهومها العام الواسع أصبحت ثقافة جديدة تتداولها المجالس والندوات ووسائل الاتصال الاجتماعي في المجتمع السعودي، حيث يتم طرح ونقاش المجهودات والمشاريع الكبيرة للارتقاء بقطاع الطاقة السعودي بمفهومه الواسع.. ويبقى ضرورة وجود هيئة موحدة تهتم بكافة شؤون الطاقة على مستوى المملكة سواءً كانت الطاقة الهيدروكربونية أو المتجددة بما فيها ترشيد مصادر الطاقة المختلفة وحسن استغلالها.. ولا أجد أفضل من اقتراح أحد الإخوة المهتمين بهذا القطاع بإعادة هيكلة مجلس البترول الأعلى - الذي نجح بقيادة دفة قطاع البترول السعودي - ليصبح مجلس الطاقة الأعلى،
وذلك لمواكبة التطورات الإيجابية في قطاع الطاقة السعودي لتصبح المملكة العربية السعودية المنبع الرئيس عالمياً لجميع مصادر الطاقة على مدى العصور بما فيها الهيدروكربونية والمتجددة.
www.saudienergy.netTwitter: @neaimsa