يجب أن نتوقف عن التفسيرات والتأويلات واستنباط الاحتمالات فيما حدث على أرض الجنادرية بين أحد رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمكلَّفين بالحماية الأمنية من جنود الحرس الوطني، فقد تدخلت إمارة منطقة الرياض مشكورة وتولَّت القضية برمتها بتشكيلها لجنة على مستوى عال لبحث الحادثة وملابساتها وأسبابها، فقد جاء على لسان المتحدث الرسمي بإمارة منطقة الرياض ما نصه: أنه نظراً لما حدث مساء يوم الجمعة الموافق 2-6-1434هـ بمقر المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية بين بعض رجال الحرس الوطني وبعض أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المكلَّفين بالعمل في المهرجان من سوء تقدير للمواقف نتيجة اجتهادات من بعض من باشر الحدث في بدايته من الجهازين قبل أن يتم حسم الخلاف وإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي، ومن منطلق الحرص على استجلاء الحقيقة ومعرفة أسباب ما حدث ضماناً لتلافيها وعدم تكرارها فقد وجَّه صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن بندر أمير منطقة الرياض بتشكيل لجنة عليا برئاسة وكيل الإمارة للشئون الأمنية وعضوية كل من الحرس الوطني وهيئة الأمر بالمعروف والادعاء العام وشرطة منطقة الرياض للتحقيق في الحادثة، وأكَّد المتحدث أن اللجنة المكلَّفة قد باشرت أعمالها من يوم السبت الماضي».
توجه الإمارة رائع, واهتمامها بالحادث حتى ولو نظر إليه البعض على أنه حدث عابر ولا يستحق التوقف عنده جدير بالتقدير, فإهمال الأحداث الصغيرة وتركها قد يؤدي إلى أحداث أكبر، وإلى تشويه صور مشرقة ونقل انطباعات غير لائقة ببلد مثل المملكة العربية السعودية، وإلى فتح الباب على مصراعيه لأحداث أكبر وأفدح، وإلى إفساد مناسبات وطنية يحضرها ملايين من داخل وخارج المملكة .
إمارة منطقة الرياض تدخلت في وقت مناسب حال وقوع الحادث، وقطعت الطريق على من التقطوا مقاطع الفيديو عبر اليوتيوب ونشروه في مواقع التواصل الاجتماعي على أنه يمثِّل من وجهة نظر البعض عنجهية بعض رجال الهيئة وتسرّعهم، وفي الطرف الآخر يمثِّل وجهة نظر من رأوا فيما حدث غلظة وحدة وسوء استخدام للسلطة من بعض رجال الحرس الوطني، وكلا الطرفين حكما من خلال مقاطع مجتزأة لا توضح القصة كاملة، لأن الحقائق بقيت خلف الكواليس غامضة لا نعرفها وكان لا بد من التحقيق الذي بادرت إليه الإمارة لكشف الصورة كاملة أمام الرأي العام، وإقفال أي طريق يؤدي إلى اجتهادات وتفسيرات خاطئة، أو استخدام حدث لخدمة توجهات متربصين يسعون لإثارة الفتن وتجييش الشارع في أكثر من موقع.
لن أضع نفسي حكماً بين فريقين، ولن أسعى لتفسير ما حدث بناءً على معلومات يغشاها النقص والتضارب والغموض لذلك سأنتظر مع المنتظرين حتى تنهي اللجنة مهامها وتصدر بياناً متكاملاً يوضح الحقائق والمدانين في الحادث والعقوبات المقرَّرة عليهم، فجميع الأطراف موظفون في الحكومة وتطبيق النظام بحقهم أمر مفروغ منه.
أتمنى أن تعامل كل الأحداث في كافة مناطق المملكة مثلما تعاملت معها إمارة منطقة الرياض، ولا يترك حدث دون مباشرته للنهاية، فاستمرار الأخطاء كان بسبب التساهل واللين لأن معظم الأحداث الماضية انتهت بإطلاق سراح أطراف تلك الوقائع دون إجراءات رادعة كي لا تتكرر مرة أخرى.
Shlash2010@hotmail.comتويتر @abdulrahman_15