كان المجتمع السعودي يعيش سنوات طويلة من التواصل المحدود بوسائل بسيطة وفي حدود تجاوزته مجتمعات كثيرة في تواصلها مع بعضها البعض، أو مع المجتمعات الأخرى، فكان الأغلبية لايجد سوى الهاتف الثابت أو الرسالة البريدية للتواصل مع معارفه وأبنائه خاصة ممن هم خارج الحدود مما جعل التواصل يكون فيما هو خير وقليل! وعندما داهمت الشبكات المعلوماتية ومواقع التواصل الاجتماعي مجتمعنا على حين فجأة أحدثت نقلة رهيبة في التواصل الاجتماعي بين مختلف الفئات الاجتماعية والثقافية، واختصرت المسافات فيما بينهم وفئات أخرى ذات الاهتمام المشترك من مختلف دول العالم، وساهمت في العديد من الإيجابيات في التواصل بمختلف أنواعه حيث أصبحت المعلومات من السهل تداولها وأنت ماشياً أو راكباً أو حتى وأنت مستلقياً في سريرك! هذه الثورة المعلوماتية من مختلف المواقع التي تبهرنا بها مواقع الاتصالات العالمية ساهمت في تحليل التعاطي معها ومدى استغلالها أو تقديرها واستخدامها في تقديم المفيد والعكس صحيح! فالكثير استخدمها في تقديم المفيد وهذا ممن يسعى في نشر الكلمة الطيبة واحتساب الأجر في منع انتشار فتنة المعلومة السيئة، وهناك وهم يشكلون الأغلبية كما شاهدتم جميعاً استغلوا تلك المواقع في نشر الفتن بالمعلومات الكاذبة والتهويل والتشهير وتتبع عورات الآخرين، والمساهمة في إعادة التغريدات والصور المُسيئة للغير بدون أدلة أو إثباتات مادية حتى وإن كان ذلك ليس من حقهم الشرعي في نشرها! فما يحدث على الساحة العامة خلال تلك المواقع لدليل قوي على أن الافتقار للحوار الإيجابي منذ الصغر من أهم الأسباب في تراكم الشحنات السلبية في النفوس! وأن عدم الوعي في التواصل مع الآخر مهما كانت مكانته أو دوره في المجتمع من الأسباب القوية في الاندفاع في كتابة ما لا يجوز كتابته ! وأن ضعف المهارة في التعامل مع نعمة التواصل الحديثة واضحة جداً فأصبحت تُستغل في إثارة فئات ضد الأخرى، وأصبحت مهنة من لا مهنة له، حيث إن الساحة تُركت مفتوحة للجميع بدون رقابة ولا تقنين تطورت طرق التواصل فيما يمس الأعراض والسمعة في بلد قائم على تطبيق الشريعة الاسلامية التي تنص أنظمتها على تحريم العبث والمسّ بسمعة وخصوصيات الآخرين! وبالرغم من صدور نظام مكافحة جرائم المعلوماتية بقرار من مجلس الوزراء من عام 1428هـ إلا أن هناك تغييب واضح لتطبيق النظام وعقوباته الشديدة تجاه من يسيء للآخرين بالخول لموقعه أو ابتزازه أو التشهير به من خلال المواقع المختلفة مما ساهم في اندفاع الكثير من الجهلة بتطبيق القانون خلف شخصيات كثيرة بهدف الوطنية ومحاربة الفساد والمشاركة معها في إثارة الفتن ونشر الرسائل التحريضية من خلال حساباتها الشخصية! وأتمنى من القائمين على ذلك في هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات نشر الحملات التوعوية بهذا النظام واحترامه من أجل تقنين التواصل المفتوح بين وسائل الاتصال المختلفة خاصة لمن لا يحترم ذلك التواصل! وما قامت به وزارة الثقافة والإعلام من فرض عقوبات التشهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالسجن والغرامة المالية المليونية لدليل قوي على تلمسُها للواقع التواصلي الاجتماعي المُشين الذي نطالعه يومياً والذي يفتقر للمهنية والأخلاقية في الكثير من تواصله مع الآخر المضاد له في الفكر والاتجاه! فالشكر والتقدير لمعالي وزير الثقافة على مشاركته في الستر على أعراض المسلمين لأن هناك جهات معنية بذلك كفلها الحاكم الإداري بمهامها المعنية بمحاربة كل من يخالف النظام. ولا أجد خير ختام لمقالي هذا سوى قول رسولنا الكريم «من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة» فالجزاء من جنس العمل.
وكفانا وإياكم شر تتبع عورات وخصوصيات وعيوب الآخرين.
moudyahrani@ تويتر