يقول الشاعر البحتري:
إِذا المَرءُ لَم تَبدَهكَ بِالحَزمِ كُلِّهِ
قَريحَتُهُ لَم تُغنِ عَنكَ تَجارِبُه
وعليه فإنني أخلق العذر لشاعر لا زال في طور التكوين، ولم يتمرحل بعد ليقيني بأن التجربة الشعرية لكي تتبلور تماماً تتطلب الكثير لتكون مؤسسة -كما ينبغي- سواء بالقراءة التي من خلالها يستطيع أن يمتلك -الشاعر المبتدئ- مخزونا لغويا يستطيع من خلاله توظيف بحر المفردات بدقة في لجج أعماق معانيه ليكون مبهراً في الصورة، والمعنى، والخيال، في تجلياته في النص الذي ربما يتجاوز فيه التميز إلى التفرد، وهي مرحلة قد -يخطئ- فيها كثيراً -ويصيب- قليلاً وعذره (المنطقي الموضوعي الذي قد يدحض أي حجة عليه) أنه مبتدئ ويجب -مؤقتاً- أن لا يُخضعه (المنظّرون) لِسلّم (الشعراء الأربعة) المتعارف عليه حتى تنضج التجربة، التي تبدأ بيجرى ولا يجرى معه، وتنتهي بلا تستحي أن تصفعه) إلا أن المؤسف أن تمر السنين تتلوها السنين وبعض الأسماء لم تتجاوز نفسها فيما تقدمه، وليت الأمر يتوقف عند أن تُنعت تجاربهم -بالعادية أو غير المبهرة- بل إن الأمر وصل لدرجة الأسوأ من السيئ في المنحدر الذي ارتضوه لأنفسهم كنهج لأفكار قصائدهم المليئة بالضغينة، واللؤم، والهجائيات الوضيعة، سواء تلك التي يكتبونها (أو تُكتب لهم) بأسلوب أصدقائهم، وهو أسلوب مكشوف لا يخفى على من يعرف الساحة الشعبية -تمام المعرفة- فأين النضج والأخلاق العالية (والسلوم والتقاليد) وقبل وبعد هذا مخافة الله في السمعة السيئة التي هي من مخرجات هذا النهج بانعكاسها على الذات والآخرين، لهذا، فإن قصص المواقف السيئة لبعض الشعراء تأتي متتابعة، فكما يقول المثل (المصائب لا تأتي فُرادى) (Misfortunes never come singly).
وقفة: للأمير الشاعر محمد بن أحمد السديري -رحمه الله-:
الناس في دنياك كلٍ له أعمال
اتبع طريق العدل وابعد عن العيب
لا تلتفت للخلق راحل ونَزَّال
مالك على ذرية آدم مطاليب
واحذر ترى بالناس مبغض وخَتَّال
ماله مراجل كود شذب العراقيب
ولا يغرك بالرَّخم كبر الأزوال
وكبر النسور المهدفات المحاديب
abdulaziz-s-almoteb@hotmail.com