قمة الفقدان هي رحيل الرموز، فهؤلاء هم من يقودون ملاحم الوطن، كل في مجاله لتتكامل المنظومة.. وتشمخ الأوطان.
هكذا جاءت فجيعتنا حين نعى الناعي صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالعزيز، هذا الرجل الرفيع القامة.. الزاخر العطاء لوطنه، والسخي بجهده ووقته، وكل ما يملك لكي يكون خير سند لقيادته وخير معين لوطنه.
رمز وطني مضيء، فقدناه: برحيل الأمير بدر بن عبدالعزيز، الذي ظل مرافقاً لعضيده المليك في خدمة المؤسسة العسكرية (الحرس الوطني) وأدى جزاه الله خيراً - رسالته على أكمل وجه - إبان رئاسته للجان العليا في المهرجان الوطني للتراث والثقافة، وكان له القدح المعلى في إبراز معالم المهرجان التراثية، خارج الحدود، وظل عضيدا للملك في نادي الفروسية وكان جديرا بالثقة الملكية في جميع تلك المناصب، محباً لوطنه، وشعبه، مخلصاً لمليكه، لا يبخل بجهد أو عطاء.. في سبيل أداء الواجب تجاه الوطن والمواطن.
لقد ظل الأمير بدر بن عبدالعزيز -رحمه الله- داعماً سخياً لسباقات الخيل وصاحب صولات آتت أكلها ولاسيما في صناعة الإنتاج السعودي من خلال الجوائز السخية التي ظل يرصدها -رحمه الله-.
لقد عرف عن الأمير بدر رغم أعبائه الجسام، عالم الخيل أصولاً وفروعاً وأنساباً، وجعلها من نفسه بمنزلة المال، والبنين، فكانت قرة عينه وظله الظليل، وكان لها الفارس البار النبيل.
والوسط الفروسي شأن كل الأوساط التي فجعها رحيل بدرها المنير، تنتابه (المرارة) فقد ترجل الفارس وراعي الخيل وعضيد الملك في الحرس الوطني، ونادي الفروسية فرحل وكل الوسط بحاجة (لثقله الشخصي) الكبير ودعمه المميز، وما كان أحد يرجو أن يترجل، لكنها مشيئة الله الماضية في كل نفس.
رحل الأمير الشهم الفارس الكريم عن دنيانا، فغاب بدر الفروسية عن الدنيا الفانية، لكنه باق بضيائه الذي عرفناه في قلوبنا، رحل الإنسان الأصيل، وهاهو يركب الأعناق بعد العناق، ويعلو الأجياد بعد الجياد.
الحمد لله على ما قدّره، والحمد لله الذي قيض هذا الفارس المترجل، فجعله سنداً لقطاع الفروسية طوال عقود من الزمان، والحمد لله على قضائه وقدره.
إنه الرضا بما قدره الله، وذاك هو بلسم الصابرين وعزاء المحسنين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
واليوم، أجدني ونحن نعايش نهائيات دورة كأس عز الخيل في نسختها الـ18 المخصصة لخيل الإنتاج.. أتضرع باسمي وباسم منسوبي دورة عز الخيل وكافة المشاركين فيها، للمولى عزَّ وجلَّ أن يمنّ برحمته على فقيد الوطن والفروسية وأن ينزله الفردوس الأعلى وأن يلهم كل من أحب الأمير الراحل الصبر والسلوان، رحمك الله أيها الأمير الفارس.. الشهم الكريم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.