|
تحقيق - عبدالله فهد أبا الجيش:
يمضي رايش سرد ذكرياته التي جمعها في كتابه (ملك في المشرق.. رحلة إلى المملكة العربية السعودية) إذ يكمل بالفصل الحادي عشر من الكتاب والمعنون بـ (الحاسة السادسة) المواقف التي حدثت له أثناء وقوفه بلينة ولقائه بأميرها.
وفي لينة تذكر رايش أنه يجب عليه أن يبلغ فريق التابلاين بمحطة القيصومة بوصوله، فأذن لهم الأمير بالذهاب إلى فريق مكافحة الجراد وأرسل معهم جندياً لمرافقتهم.. وبلغت مسافة الرحلة من لينة إلى مخيم فريق اللوكوست حوالي المائة وخمسين كيلو متراً، وأدهش رايش معرفة هذا الجندي الشاب الصغير بجميع الاتجاهات والطرق فكان يسير باتجاه هدفه دون السؤال أو الوقوف، فسليقته لا يُمكن تفسيرها بشكل بحثي وعملي، إنها الحاسة السادسة لأبناء الصحراء.
ومضوا بالسير في الصحراء خلف توجيهات الجندي المدعو إبراهيم حتى وصلوا لمكان ما توقف به رايش وأخذ يتفحص المنطقة بالمنظار وجنح ببصره إلى إبراهيم سائلاً إياه عن مكان المخيم، مما دعا إبراهيم إلى الإشارة بيده إلى أحد الكثبان الرملية مفيداً أن المخيم خلفها وأنه يرى عربات الفريق وخيامه مما أغضب رولف ورايش ظناً منهما أن هذا الجندي يهزأ بهما ولكنهما اتبعوه على كل حال حتى غاصت سيارتهم بالرمال، فأرسلا إبراهيم ليطلب النجدة راجلاً من قاطني المخيم فدلف إبراهيم لإحضار المساعدة بينما ظل رايش ورولف تحت وقيد أشعة الشمس الحارقة ولبثوا برهة من الوقت حتى شخصت أبصارهم سيارتين تحملان بعض الأجانب والسعوديين الذين قدَّموا لهم المساعدة وصحبوهم لمخيم فريق اللوكوست، وباليوم التالي تبين لهما صدق مقولة الجندي إبراهيم عندما أخبرهما أنه كان يرى المخيم من خلف الكثبان الرملية.
خبير أجنبي: المملكة.. أكثر بلاد العالم أمناً
وفي الفصل الثاني عشر من الكتاب يتحدث المؤلف عن مخيم فريق اللوكوست لمكافحة الجراد بالصحراء السعودية، مشيراً إلى أن هذا المخيم إنما هو خاص بالفرقتين السادسة والسابعة فقط مكون من أربع خيم عسكرية إنجليزية قديمة الطراز تحتوي على سرر حديدية وطاولات قابلة للطي وموقد نار يعمل بالبنزين ومنظار تلسكوب وآلة كاتبة، وأخيراً جهاز لا سلكي وبعض الأشياء المتفرقة، أما عرباتهم فقد كانت لاندرووفر، والفريق في ترحال دائم يتبع الجراد أينما وجد، وبالصدفة تواجد في تلك الفترة السيد فل كيرشر مسؤول فرق اللوكوست على مستوى المملكة العربية السعودية الذي أتى لزيارتهم من مكتبه الرئيس بمدينة جدة، ومن هناك يتصل لا سلكياً بجميع الفرق ويُؤمّن لهم ما يحتاجونه من مؤن ووقود, حيث كانوا يستخدمون طائرات رش المبيدات لقتل الجراد.
ويُذكر رايش أنه تناقش مع فل كيرشر عن سبب اختياره السعودية للعمل فيها وأجابه قائلاً: (إن المملكة العربية السعودية بالنسبة لي هي أكثر البلاد أمناً في العالم. كل بدوي هنا ينظر إلى الأجانب القلائل المقيمين بينهم على أنهم ضيوف الملك. نعم ضيوف الملك! ربما يكون هو الملك الحقيقي الوحيد في هذا الزمان. إنه ملك مطلق الصلاحيات في ذات الوقت.. فما يأمر به الملك وما يريده هو الموجه الأساس للمواطن السعودي وكذلك للأوربيين القلائل المقيمين هنا)، وخلال فترة مكوث رايش ورولف مع فريق اللوكاست شاهدوا إحدى عمليات القضاء على الجراد، كما اطلعوا على معلومات حول نشاط فرق اللوكوست بالمملكة والبالغة أربع عشرة فرقة كل فرقة مكونة من ستة رجال وشرطي سعودي يكتب تقاريره لجلالة الملك.
حفر الباطن والقيصومة.. قلعة وحداثة ومفترق طرق
ومن ثم عزم المؤلف ورفيقه على التوجه لحفر الباطن والتي أفرد لها جزءاً خاصاً بالفصل الثالث عشر من الكتاب تحت تسم (أمثولة أمير حفر الباطن)، إذ قطعا مسافة تبلغ 212 كم من مخيم فريق مكافحة الجراد حتى وصلوا إلى مدينة حفر الباطن والتي كانت عبارة عن قلعة محصنة جداً. حفر الباطن والتي تعني الثقب الغائر بالأرض فيها ما يزيد على خمسين نبعاً، أما قلعتها فقد تم ترميمها مراراً على مر التاريخ حتى باتت قوية وقادرة على رد الأعداء والغازين، وقد حرص رايش على استقرار واستباب أموره في حفر الباطن، حيث حصل على رسالة توصية من مدير محطة رفحاء سام كليفنغر إلى أمير حفر الباطن صالح بن عبد الواحد، وقاما بزيارة الأمير الذي أحسن استقبالهما مكلفاً سكرتيره مرافقتهما من ساحة القلعة إلى الشرفة حيث يكون بمقدور المرء أن يرى الساحة الداخلية للقلعة.. وبعد أن التقوا الأمير الذي وصفه رايش بالحداثي واحتسوا الشاي والقهوة، شكراه على الضيافة وتوجها إلى القيصومة، وهناك لاحظوا أنهم على مفترق طرق، فعلى بعد مائة كيلو متر باتجاه الجنوب الشرقي يتفرع الطريق للكويت والذي إن سلكاه يكونان أنهيا بذلك مغامرتهم في السعودية، ولكنهما آثرا متابعة السفر في أعماق هذا البلد بالرغم من انتهاء مدة تصريح الدخول هادفين بالسفر إلى الرياض حيث البلاط الملكي، وأفضل الطرق التي تقودهم إليها هو طريق الظهران قلب إنتاج النفط السعودي.
في القيصومة اكتشف السيد بال مدير المحطة سر رايش ورولف بأن سمات دخولهم منتهية الصلاحية بناء على برقية من أمير حفر الباطن مطالباً إياهما بإبراز الجوازات له وعندما تأكد من صحة فحوى البرقية أخبرهما أن أمير الحفر يرغب إليهما بالذهاب إلى أقرب مكتب سعودي للجوازات، ليستوضحوا الأمور هناك مفيداً أن أقرب مكتب من القيصومة يقع في رأس مشعاب على الخليج العربي، قائلاً لهم إنهم محظوظون «لأن العادة جرت أن تأتي سيارة الشرطة وتقلكما حتى تخرجوا للكويت، قد يعود ذلك الحظ إلى المعرفة التي وطدتموها مع الأمير محمد الأحمد السديري».
السيارة المتطورة.. بوصفها سبباً للقاء الملك
يستمر الكتاب بمحتواه الشيق ففي فصل عنونه المؤلف (التبريد الهوائي المنقذ) تستمر رحلة رايش إلى إمارة رأس مشعاب المبنية من الحجر، وهناك التقوا بالأمير الذي لم يجد رايش اسماً له في مذكراته ولكنه وصفه بأنه كان رجلاً طويلاً قوي البنية، أخذ الأمير الجوازات ووزنها في يده لم ينظر فيها وإنما أعطاها لموظفه مصحوبة بنظرة غير مكترثة، فبادر رايش بتسليم الأمير توصية حكومة بلاده والممهورة بختم كبير، متمنياً أن تؤثر بالأمير الفقرة التالية من الخطاب: (ويودون لقاء مهندسين سعوديين، ليتعرفوا على تجاربهم حول عمل المحركات في الصحراء) راجياً الأمير أن يكون ذلك اللقاء إما الرياض أو بالظهران، وأكمل رايش كلامه مع الأمير بالحديث حول عربته ذات الإمكانيات المتعددة خصوصاً أنها مبردة هوائياً ولا تحتاج إلى ماء، لذلك أظن أن جلالة الملك سيظهر اهتماماً كبيراً بالأمر.. وبالفعل أحدث هذا الكلام بعض التأثير وقد ظهر ذلك جلياً على وجه الأمير وكأنه يعيد التفكير بقرار قد اتخذه مسبقاً، وما إن صمت الجميع للحظة قرر أمير رأس مشعاب بأن ترسل الجوازات مع مبعوث للظهران، حيث يتم كشف ملابسات الأمر بمكتب الجوازات وأن يسافر كذلك رايش ورولف إلى هناك إذ أصدر لهم إذن بالسفر للظهران.
وبدأ رايش بتجهيز سيارته لقطع الكثبان الرملية قاصداً الظهران إذ اضطره ذلك إلى نقل السيارة على إحدى شاحنات أرامكو الضخمة المتوجهة للظهران، فأقلاه حتى وصلوا إلى بوابة الحي الأمريكي في الظهران.
أيام في الهفوف.. وتجربة لمشروع الملك المفضل
وبالفصل الثامن عشر الذي أسماه رايش بـ (الخطط الجديدة) يفصح الرفيقان عن نيتهما للسفر إلى الرياض ومع معرفتهما أن جلالة الملك وحده هو من يستطيع دعوتهم للرياض، وأثناء ذلك وجه لهم أمير الأحساء دعوة لزيارة الهفوف.. ولا تزال فصول الكتاب تتوالى بسرد جزء هام من تاريخ الجزيرة العربية المعاصر إذ احتوى الفصل التاسع عشر الحامل اسم (الطبيب سليمان هربرت) رحلة الرفيقين للهفوف ولقائهم بالطبيب الألماني الدكتور هربرت بريسته من برلين، الذي دعاهم لمنزله، وحدثهم عن الدكتور مولر الطبيب الخاص بالملك، فباغته رايش بالسؤال إن كان يعرفه فرد الأول عليه بالنفي، مما قلّص أحلام رايش في طلب المساعدة من ذلك الطبيب، ليتحدث مع الملك بشأن دعوتهم للرياض.
وفي الفصل العشرون الذي اندرج تحت عنوان (تبعاً لأحكام القرآن) يكمل المؤلف نقل الوقائع التي صادفته بالهفوف، حيث أقام في بيت خصصه المحافظ لمنسوبي فريق اللوكوست، كما زاروا مدينة الكوت الصغيرة وهناك رأوا منزل الأمير سعود بن جلوي المكون من أربعة طوابق، كما أخذوا بعض الصور للمدينة، وتحدث هربرت عن ذكاء الأمير سعود وشخصيته القوية واستباب الأمن بالمنطقة.. وعن منجز العصر الفريد آنذاك خصص رايش الفصل الحادي والعشرين للحديث عن السكة الحديدية والتي كانت عنوان الفصل، حيث تعرفوا على مشروع الملك المفضل والذي كلف أرامكو بتشييد الخط الحديدي واستمر العمل لسنتين وكلف 52 مليون دولار، حينها كان الملك سعود ولياً للعهد ونائباً للملك في نجد، حيث قام بدق مسمار ذهبي بشكل رمزي في آخر قطعة من السكة الحديد، وتم توزيع كتيبات على الشعب لتوضيح فوائد السكة، واختار الملك وبكل حرص اللون الأخضر لون علم المملكة ليكون لون العربات والمقطورات المتصلة بالقطار.. ويكمل الفصل بسرد أحداث سفر رايش ورولف على القطار إلى الخرج وتسجيل انطباعاتهم عن الحضارة التقنية حول سكة الحديد وتعامل السعوديين معها.
في الخرج.. قلب مع المزارع.. وعين على الرياض
في الفصل الثاني والعشرين المعنون بـ (مخازن الحبوب) يروي رايش أحداث زيارته لمدينة الخرج بعد سبع ساعات من الموعد المقرر، حيث قاموا بزيارة مشروع الحكومة السعودية الزراعي في الخرج، كما شاهدوا آبار الخرج، وبينما تحتوي هذه المدينة على مئات من أشجار النخيل، فإنه توجد كذلك مزرعة على الطريقة الأمريكية، وهناك أيضاً مزرعة خاصة بالخيول الملكية عددها 274 حصاناً ووصفها رايش بأنها خيول في غاية الجمال وأصيلة كلها وقار.
وفي الفصل الثالث والعشرين المسمى (على أطراف المدينة الأهم) يستمر رايش بسرد قصصه عن الخرج وتشوقه للذهاب إلى الرياض الذي بات على مقربة منها، ولقائه بمجموعة من الفرنسيين استجلبهم الملك لبناء مصنع للأسلحة وتعرفه على الطبيب الفرنسي برنهارد الذي أرشدهم لطريقة للدخول الرياض بواسطة استخدام علاقته مع أمير الدلم الذي كان ذكياً وحريصاً جداً مما جعلهم يخرجون من عنده دون فائدة تُرجى.
ولكن الأقدار شاءت أن يصل للخرج السيد وليم س.كيللي وهو من موظفي أرامكو الكبار ومعه تصريح لدخول الرياض، وبالتالي ستقله سيارة خاصة للرياض فسأله رايش عن إمكانية مرافقتهم له وقد رحب بذلك، فاستقلا العربة معه حتى باتوا على مشارف المدينة الملكية إذ سألهم السائق عن وجود أحد يستقبلهم فأجابوه بأنهما سيتوجهان إلى طبيب الملك الخاص السيد مولر، وهنا أجابهما السائق أن مولر مسافر مع أحد الأمراء لأمريكا، مسدياً النصح لهما بالسكن في إحدى مساكن المطار حتى يتدبرا أمرهما وهذا ما تم وكم كانت سعادة وفرحة رايش ورولف كبيرة وهم بداخل عاصمة ابن سعود، وفي سكن المطار علموا بوجود رشيد عالي الكيلاني رئيس وزراء العراق عام 1941م والذي تربطه علاقة جيدة بالدكتور هيكر.
لاحقاً توصل رايش لمكان إقامة الكيلاني في البيت الأخضر خلف قصر الملك الجديد، وقابلاه وذكرا له واقع الأمر ووعدهما بتقديم أقصى ما يمكنه أن يفعله، وفي المساء عاد إليهما مراسل الكيلاني قائلاً: سأرسل لكم اليوم في الساعة الثامنة سيارة لتحضركم لتناول الطعام معي.. واستقبلهم السيد الكيلاني في بيته الأخضر بهذه الكلمات: (لا يُمكنني أن أتناول معكم طعام العشاء هذا المساء، لأنني تحدثت مع جلالة الملك وأنتم ضيوفه اليوم وسأرافقكم الآن إلى قصره).
في ضيافة الملك.. «هل أنتم بصحة جيدة؟ كيف رحلتكم؟»
في الفصل الرابع والعشرين المعنون بـ (الحديقة الخلابة) يصل المؤلف أخيراً إلى هدفه وليس زيارة الرياض فحسب، بل والالتقاء كذلك بسيد الجزيرة جلالة الملك سعود بن عبد العزيز، وركبوا في سيارة البويك الكبيرة لرئيس الوزراء العراقي السابق متجهين على الطريق المعبد إلى قصر الملك الجديد، وفي السيارة أراد رايش معرفة أمور البروتوكول وكيفية التصرف أثناء وجودهم في حضرة الملك، فدولة السيد رشيد الكيلاني كان مستشاراً للملك ويراه ثلاث مرات كل يوم، فأخبرهم الكيلاني أن الاستقبال سيكون بحديقة القصر.
عند وصولهم لبوابة القصر استوقفهم الحراس فنطق الكيلاني ببضع كلمات ففتحت البوابة، ولم يتمالك رايش ورولف نفسيهما من الدهشة عندما دخلوا الحديقة الغنّاء الجميلة يتخللها طريق للسيارات باتجاهين، وهنا ترجلوا من السيارة.
وفي الفصل الخامس والعشرين يستمر رايش بذكر حادثة لقائه مع جلالة الملك سعود بن عبد العزيز - رحمه الله - وبعنوان (ضيف على مأدبة الملك) ويروي رايش أنهم وجدوا في الحديقة صفين طويلين من الضيوف جميعهم بالثياب العربية، جالسين على رخام الشرفة وفي نهايتهما يجلس الملك، وسارا إليه حتى وقفا بين يدي رجل الجزيرة العربية القوي، الذي قام من مكانه وتقدم نحوهم وصافحهم على الطريقة الغربية، راداً على انحناءة الكيلاني بهزة رأس لطيفة، جلالة الملك سعود بن عبد العزيز كان رجلاً طويلاً لا يقل طوله عن 190 سم وجهه نحيل حنطي اللون، إنه نموذج العربي الأصيل، وعند جلوسهم أتى المترجم وبدأ رايش بتحية جلالته، وبدأ الحديث يثير الاهتمام عندما بدأ الملك بالحديث، فبادرهما بالسؤالين العربين التقليديين: هل أنتم بصحة جيدة، وهل كانت رحلتكم كذلك، ثم تحدث الملك مع الدكتور هيكر عن بعض الأمور الصحية، وبعد ساعة من الحديث دعوا للطعام، إذ أُعدت مأدبة لستين شخصاً وجلس الملك على رأس المائدة، بعد الطعام سمح لهم الملك بتصويره، كما أهداهما الملك ساعة ذهبية ثمينة أخبرهما الكيلاني أنهم ضيوف الملك لمدة ثلاثة أيام وعليهم المغادرة باليوم الرابع.
ثلاثة أيام.. وأكثر من طريقة لختام المشوار
أما الفصل السادس والعشرون والذي عنون بـ (ثلاثة أيام وماذا بعد) فتحدث فيه المؤلف عن الأماكن التي زاروها بالرياض برفقة مترجم الملك عبد الله بالخير والذي أطلعهم على بعض الحقائق عن المملكة كعضويتها بهيئة الأمم المتحدة والجهود التي يبذلها الملك لنشر التعليم وغيرها من الأمور، وهنا يخبر الكيلاني رايش بأن الملك أراد ترحيلهم باليوم الرابع إلى القاهرة ولكنه تراجع بعد تقرير المترجم عنكم.
(طيران في التاريخ)
بهذا العنوان يختتم رايش كتابه الشيق والذي أسدل ستاره فيها عن مغامراته الشيقة إذ يذكر أن السيارة الملكية أقلتهم من مقر سكنهم إلى المطار ودون معرفة منهم إلى الوجهة التي ستطير بها الطائرة، وتوقفت السيارة لدى إحدى الطائرات الإنجليزية، وهنا أبى رايش أن يسأل عن وجهة السفر مفضلاً معرفة ذلك عند صعوده الطائرة، وبعد لحظات أتى دولة رشيد الكيلاني لتوديعهم مخبراً إياهم أنه نقل للملك رغبتهم في عدم السفر للقاهرة ورغبتهم بالسفر للكويت عن طريق السيارة محيطاً إياهم أن الملك علم عن أن سيارتهم بالهفوف، ونظراً لما صنعوه من انطباع جيد عنده أمر بأن يتجهوا للهفوف ومنها وبناء على رغبتهم أن يسافروا عن طريق العربة للكويت.. وبذلك يُنهي الدكتور ماكس رايش ورفيق دربه الطبيب رولف مغامرتهما الشيقة للمملكة العربية السعودية بعد أن سجلاها في مذكراتهما، ليرويا بذلك تاريخ حقبة هامة عن المملكة العربية السعودية.
وقد قام الدكتور عبد الرحمن بن حمد الحميضي وزملاؤه أعضاء فريق عمل الترجمة بجهد كبير حيال إعداد هذا المؤلف النفيس وذلك بترجمته من اللغة الألمانية إلى اللغة العربية وإثراء المكتبة العربية.