سأبدأ بإيضاح العنوان، وأشير إلى أن أصحاب المعالي مديري جامعة الدمام، جامعة الملك فيصل، جامعة الباحة، جامعة الحدود الشمالية والمدير العام لمعهد الإدارة جميعهم عملوا وكلاء لمعالي البروفيسور يوسف الجندان مدير جامعة الملك فيصل سابقاً، الذي ترجل مؤخراً من منصبه بأمر ملكي بناء على طلبه. أتحدث عن وكلاء الجامعة فقط وليس جميع أبنائها الذين وصلوا إلى مناصب قيادية، وأترك لخبراء الإدارة قراءة معنى إسهام القائد في تخريج قادة آخرين بهذا الحجم وهذا المستوى.
أكتب هنا بعض قصتي كمدخل لبعث كلمة وفاء وتقدير لمعالي الدكتور يوسف الجندان، وهو ليس مجرد مدير عملت معه، بل صاحب فضل، له دور في تكوين إحدى أهم نقاط التحوُّل في حياتي. كنتُ أعمل بالمستشفى التخصصي، وذات صباح جاءني اتصال معاليه، يشير إلى رغبته في لقائي بغرض استقطابي للعمل بالجامعة، عطفاً على ثناء من رجل كريم آخر، هو معالي الدكتور محمد السالم وكيل وزارة التعليم حينها ومدير جامعة الإمام لاحقاً. ببساطته التي تنساق إليك عبر الهاتف، وتُسقط حرج تكلف الحديث مع صاحب معالي، اقترح عليّ لقاءه نهاية الأسبوع، واعتبارها رحلة سياحية عائلية لشاطئ الخبر. وفي يوم خميس ماطر هتان خرجتُ من مكتبه بالموافقة على العرض دون مزيد من التفكير، رغم أن راتبي نقص حينها خمسة آلاف ريال. كلمة السر هي الثناء والتحدي، حيث قال لي: لدينا كلية علوم طبية، تمت الموافقة عليها منذ أربع سنوات، لكننا لم نبدأها، ونحتاج إلى الرجل المتخصص الذي يقود عملية البداية. وبقية القصة معروفة للمقربين: عُيِّنت محاضراً ومقرراً للجنة التأسيسية للكلية الوليدة، وبدعم معاليه وعميد الكلية مُنحت الفرصة الذهبية لأطرح رؤيتي حول العلوم الطبية، وغيرنا خطتها التي كانت منسوخة من جامعة أخرى؛ فقدمنا تخصصات جديدة، تُدرس لأول مرة بالمملكة، ووضعنا رؤية لكلية لا تزيد أقسامها على عشرة أقسام مرتبطة بالمستشفى الجامعي بشكل كبير، من ناحية عمل أعضاء هيئة التدريس وتدريب الطلاب.. إلخ. وتواصل دعم معاليه في ابتعاثي للحصول على الدكتوراه.
خلال تلك الفترة بدأ ريشي يكبر - كما يقال بالعامية - حيث أصبحتُ كاتباً في الشأن العام، مع التركيز على قضايا التعليم العالي. وبوصفي كاتباً مبتدئاً ومتحمساً وجَّهتُ سهام نقدي صوب الأقربين، جامعة الملك فيصل برئاسة معالي الدكتور يوسف الجندان. كنتُ أراهن على تقدير معاليه بأن النقد للمدير والإدارة وليس للشخص، وأحسبه كان كذلك واسع الأفق متقبلاً اختلاف وجهات النظر. ربما كانت المرة الوحيدة التي لمستُ غضبه الكبير مني حينما تدخل مسؤول التحرير عام 2006م، وأوقع بيننا باستخدام أحد مقالاتي، بطريقة غير مهنية وغير مهذبة للأسف، كجسر لتحقيق هدف شخصي يخصه، وبشكل أزعج معالي الدكتور الجندان.
معالي الدكتور الجندان تولى إدارة الجامعة بعد حرب الخليج، وفي ظروف مالية عصيبة كانت تمر بها الدولة بصفة عامة، وجامعة الملك فيصل بصفة خاصة. ولا شك الحالة الاجتماعية بصعود الأدلجة وإرهاصات حرب الخليج ثم أحداث سبتمبر كذلك كانت قلقة على المستوى العام وفي المنطقة الشرقية تحديداً. أي أن الظروف المحيطة كانت صعبة وشاقة، ولكن الربان يوسف الجندان استطاع الإبحار فيها بحذر وحنكة ودهاء قادت الجامعة إلى بر الأمان. أعتقد أنها مرحلة تستحق أن توثق وتؤرَّخ بشكل أكبر، وهي دعوة لمعاليه لأن يقوم بهذه المهمة.
تحية وفاء وتقدير لصاحب الابتسامة الراقية والوجه البشوش والقلب الكبير معالي الدكتور يوسف الجندان.
malkhazim@hotmail.comلمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm