في بداية أي تعيين لمسؤول، يكون على وسائل الإعلام واجب إيصال أصوات المواطنين له، عبر نشر ماذا يريدون منه. ويكون من المفترض أن يرصد هذا المسؤول الجديد كل ما يُنشر، وأن يضعه كقائمة من الأولويات التي سيعمل بها، إضافةً إلى أولوياته الخاصة التي قد وضعها سلفاً منذ تم اختياره لهذا المنصب.
في أغلب الأحوال، تقوم صحافتنا بهذا الدور، ونلمس بكل صراحة تجاوباً من المسؤول الجديد لكل الاقتراحات والرؤى والتصورات التي تُنشر. وهناك من المسؤولين الجدد مَنْ لا يكتفي بقراءة ما يطرحه الكتّاب، بل يبادر بكتابة خطابات شخصية أو يجري مكالمات هاتفية معهم، مؤكداً لهم أنه سيكون عند حسن الظن، وأنه سيبذل كل ما في وسعه لخدمة الوطن والمواطنين.
وتمضي الأيام، وينشغل المسؤول الجديد بعجلة العمل اليومي، وتتزايد المهام والاجتماعات والسفر والاحتفالات والمؤتمرات والافتتاحات، ويبدأ تواصله مع الإعلام يقل شيئاً فشيئاً، حتى ينعدم تماماً، فينغلق على دوائر عمله ودوائر العاملين معه. ثم يدخل في المرحلة الجديدة، مرحلة توتر العلاقة بينه وبين الإعلام، فيبدأ يتصور أن أي انتقاد له، هو محاولة للتقليل من شأنه كشخص وليس كمسؤول. وهنا يتحول من شخص نتأمل منه الإبداع والإنجاز، إلى شخص يقضي جل وقته يدافع عن نفسه ويلمّع إداراته.
نتمنى أن يزول هذا النمط لدى أي مسؤول جديد.