إنه موقف يتمشى مع ما ورد في القرآن الكريم وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (سورة الحشر الآية 9).
ويتمشى أيضاً مع العادات العربية الأصيلة وجميعنا سمعنا عن كرم حاتم الطائي الذي ذبح فرسه عندما لم يجد غيرها لامرأة قدمت إليه تشكو حالة الجوع التي وصلت إليها مع أولادها عندما قالت له في ليلة باردة إن أولادي يعوون كالذئاب من شدة الجوع.
كما سمعنا عن صخر بن عمرو بن الحرث بن الشريد أخو الشاعرة المشهورة الخنساء الذي أشتهر بشجاعته وكرمة والتي قالت فيه أخته الخنساء بيتها المشهور:
وإن صخراً لتأتم الهداة به
كأنه علم فوق رأسه نار
والموقف الذي أعنيه هو ما أوردته بعض الصحف عن موقف إنساني نبيل صدر عن معالي وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين عندما كان مسافراً لإحدى الدول الخليجية في مهمة رسمياً فبعد أن توجه معاليه إلى حيث مقعده المنفرد بالدرجة الأولى لاحظ امرأة من ذوي الاحتياجات الخاصة ومن جنسية الدولة التي سافر إليها كان مقعدها ضمن المقاعد المزدوجة، وكان معها مرافقة مقعدها بالدرجة السياحية وبعد أن شاهد الوزير صعوبة دخول المرأة من ذوي الاحتياجات الخاصة للمقعد المزدوج في الدرجة الأولى منحها مقعده وطلب من المرافقة الجلوس في مقعد الراكبة المزدوج على أن يعود هو لمقعدها بالدرجة السياحية فرفضت المرافقة جلوس الوزير في مقعدها بالدرجة السياحية فيما وافقت على جلوس الراكبة من ذوي الاحتياجات الخاصة في مقعد الوزير مقدمة له الشكر على إنسانيته.
فالإيثار هو أسمى درجات الكرم ولا يتحلى بهذه الصفة المثالية إلا القليل من الناس وكان سيدنا رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام يؤثر على نفسه البؤساء والمعوزين فيجود عليهم بماله وقوته ويظل طاوياً من الجوع ، كما ورد أن امرأة جاءت للرسول علية الصلاة والسلام ببرده نسجتها بنفسها فأعطتها الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقبلها لعدم وجود غيرها لديه فخرج بها إلى أصحابه، فقال رجل يا رسول الله اكسنيها فرجع الرسول إلى بيته فطواها ثم أرسل بها إليه.
تحية وتقدير لمعالي الوزير يوسف -حفظه الله- على هذا الموقف الإنساني وزادنا من أمثاله في مجتمعنا وأجهزتنا الإدارية.
HOTMAIL-senedy_100@hotmail