فاتحة
* نشر الدكتور حمزة المزيني في صحيفة الشرق يومي الخميس4-11/4/2013م مقالين معنونين بـ(مقدمة انقرائية لكتاب هالك) و( امتدادًا للانقرائية )خصصهما لهجومٍ عنيفٍ على كتابي «دور العولمة في التحول التربوي؛ دراسة وصفية - تحليلية، التعليم الأهلي في السعودية نموذجًا» وانطلق فيهما من تقديم الأستاذ الدكتور عبدالله الغذامي للكتاب ساخرًا من مفردة (الانقرائية) ومعرضًا بدوافع التقديم ومكملاً بانتقاد فصل في الكتاب ممزوجٍ باستعادة حملة «هلكوني» المخصصة لمحاربة «شهادات الوهم»، وهو ما استدعى قراءة عدد من النقاط كان يكفيني منها ما عرضتُه من ردين طويلين متفاعلين «حتى تأريخه» نشرتُهما في صفحتي بـ»تويتر» لولا رغباتُ أساتذةٍ وأصدقاءَ أُجلهم قدروا أن ما نشر في الصحف لا يكفيه الردُّ بغيرها، بالرغم من أني قد تجاوزتُ حالاتٍ مشابهةً؛ فالقيمة للسجال الفكري وحده، أما الشخصنةُ والاستهزاء فقد عفَّ قلمي عنهما، ولا يعنيني إن فرغ لهما سواي.
نقطتان عابرتان
* يبرز الاستفهام الأول حول توقيت مقالي المزيني؛ فالكتاب صدر منذ أكثر من ستة أعوام (2007م)، ولقي قراءاتٍ متعددةً وحظي بنص شعري باذخٍ للشاعر العربي الكبير الأستاذ سليمان العيسى -شفاه الله- عنوانه: «العولمة ودكان الشيخ علي» فما بالُ الكتاب يبعث من مرقده الآن؟ لكن الإجابة ميسرة عند ربطها بالحملة الشرسة التي قادها غيره قبله.
* في الوقت الذي جهل فيه المزيني معنى»الانقرائية» وتهكم بها ووجد من يحمل الطبلة والمزمار معه فإن سابقه يجهل أبجديات النحو والإملاء في تغريداتٍ قصيرةٍ لا تحتاج لأكثر من إتقان مقرر الصف الرابع الابتدائي؛ فهل وحَّدهم الجهل أم أضناهم التجاهل فبحثوا عمَّا وعمَّن يضمن لهم العودة للواجهة؟
نقاط غير عابرة
* توقف المزيني عند مصطلح (الانقرائية) متعجبًا منه ومبديًا جهله به، وليته لم يفعل كي يُبقى على صورته العلمية ولو كانت ضبابيةً منذ أن قصر وقته على الكتابة الشاتمة الشامتة، ولو فكر أن يزيد قارئيه معرفةً عبر كتابات تخصصيةٍ وسعى لنشر أبحاثه المحكّمة لربما تغيّر موقعُه العلمي في الدائرة الأكاديمية والثقافية، وقد شرحتُ - عبر «تويتر» صحةَ المفردة وفصاحة اشتقاقها من «فعل-انفعل وكتب- انكتب وشرح - انشرح وقرأ- انقرأ...)، كما تحدث الدكتور الغذامي في برنامجٍ تلفزيوني عن اصطلاحيتها منذ ثلاثين عامًا؛ أفلا يستوقفنا هذا لإعادة محاسبة «أستاذ اللسانيات» عن هذا الجهل؟ وربما وجد بعضنا وقتًا لقراءة مؤلفاته وأبحاثه للترقية لمعرفة المزيد حوله.
* تحدث المزيني عن مفاجآت في الكتاب وفق ما يلي:
1-اعتمد المزيني في مفاجأته الأولى على خطاب الاستبانة الموجه لمديري المدارس لتسهيل مهمة الباحث حيث لم يفصل بينه وبين مقدمة الكتاب وتقديمه سوى شهرين بالرغم من استحالة توزيع الاستبانة واسترجاعها ودراسة الإجابات وتحليلها، وكما أجبته في تويتر؛ فالخطاب متطلبٌ رسميٌّ نمطيٌّ ألحق بالاستبانة لا أكثر، ولعلاقة الباحث بالمدارس الكبرى المبحوثة فلم يحتج إليه في البداية ووضعه في النهاية إجراءً نظاميًا شكليًا لا أكثر، ولو كان الأمر كما تهيأ للمزيني لتم تعديل تأريخ الاستمارة أو المقدمة وتأجيلُ التقديم، والأجمل أن زملاءه الذين قاموا بعملية التوزيع والاسترجاع مذكورون في شكر خاص بصفحة مفردة (11) وكلهم أحياءٌ يرزقون ويمكن أن يُسألوا، وبالمناسبة فقد اشتملت العينة الاستطلاعية على 18 معلمًا والمبحوثة على 626 معلمًا في المدارس الأهلية أجابوا عن 67 فقرة بعدما تم حذف وإضافة فقرات بناءً على نواتج التجريب الاستطلاعي لتحديد صدق الاستبانة وثباتها (ص 93-94).
2- كانت مفاجأته الثانية في طبيعة الكتاب؛ أهو امتدادٌ للرسالة أم ملخصٌ لها، وبالرغم من أنه أجاب عن ذلك بما ذكرتُه من كون الكتاب مختلفًا عن الرسالة، وما أشار إليه الدكتور الغذامي الذي قال: إن أصل الكتاب أطروحة دكتوراه؛ فما الذي يحتاج إلى فهمٍ أو إفهامٍ؟ وأين المفاجأة في التغيير بالإضافة والحذف من رسالةٍ ذات معايير صارمة اعترف المزيني أن فهمه فيها صفر حيث كتب المزيني: (لا يمكن لغير المتخصصين أن يفهموا شيئًا منه إلا بقدر ما أفهمه أنا منه أي صفر أو أقل..) وهذه إشادةٌ لم يقصدها مثلما لا أحتفل بها، أما ألاَّ تفهم وترى غيرَك مثلك يا دكتور حمزة فائذنْ لي أن أقول: سلامًا.
3- كانت مفاجأته الثالثة في اختلاف المراجع بالرغم من أنه يعلم أن الكتاب غيرُ الرسالة وبالرغم من أن المزيني أثبت كلام المؤلف: (والغريب أن المؤلف واعٍ بهذه الحال؛ فهو يقول هامش ص149: توضح هذه القائمة مراجع البحث الأصلي قبل إعادة تبويبه ليصدر على شكل كتاب يتلافى صرامة الرسائل العلمية فإذا وجد بعض الاختلاف فإن مرده لهذا الأمر)؛ هل تبقى حاجة لتوضيح؟ أما تعقيبه بأن هذه الممارسة لم يقل بها أحد قبله فإشادةٌ أخرى لم يعنِها ولا تعنيني.
4- المفاجأة الرابعة عند المزيني استخدام أسلوب القص واللزق والسطو كما قال، وهنا توقف مهم عند كل إشاراته:
* الفصل الذي اتكأ عليه المزيني خاص بأدبيات البحث «إشكالية المصطلح وأسئلة المعرفة» استعرضت فيه جميع الجهود العلمية السابقة وشرحت مبررات ذلك، ويقتضي منهجيًا ذكرَ ما قاله الباحثون السابقون بنصه وأصله كما هو مع تعليق الباحث وهذا ما حصل، ولكن لحاجةٍ في نفس يعقوب فقد اجتهد المزيني في عملية تدليس كبيرة لإيهام القارئ بصدق نظريته «القصية اللزقية السطوية» لينخدع معه من طاروا بمقاله جهلاً وعمدًا، وليسهل تصديقه والتصفيق له كما هو دأبه في مقالاته الإثارية، وهنا البيان بالتفصيل:
* أشار د.حمزة إلى سطو المؤلف على نفسه (ص 21-22)، وهذا من التعبيرات الحمزاوية المستحدثة فكيف يسطو شخصٌ على ذاته؟ ولأني لا أجيدُ التهكم مثله وبالرغم من عدم وجاهة ملاحظته فقد جرت الإشارة إلى كتاب المؤلف المسطوِّ عليه في هامش ص 22 بما يلي: «لقراءات أوسع يراجع كتاب الباحث: كي لا يؤرخ أيلول بيسان-2006م».
* أشار إلى النقل عن باحث آخر وهو «زهير ناجي خليف ص 35-42»، وبالرغم من مشروعية النقل عن باحث أو باحثين في فصل «الأدبيات» فقد كذب المزيني في ذلك؛ إذ احتوت هذه الصفحات على بحث محكم للمؤلف نفسه منشور في مجلة الإدارة العامة ص35 و»Eager ص36»، وبحث آخر لخليف ص 38 وMichels ص39 وMc Neil ص 40 وMaloy ص 42، مع العلم أن كل هذه الأوراق لا تحتاج منه إلى استشهادات أو مرجعية؛ فهي قراءاتٌ أولية عن الإنترنت في التعليم، وللمؤلف نفسه بحوث في الموضوع، إذ سبق أن درسه ودرَّسه، ولكن الالتزام بالشرط العلمي لذكر ما كُتب قبله دعاه إلى ذلك فاستشهد بالكتاب والكاتب والصفحة كما ورد عند خليف ومن نقل عنهم خليف وسواهم؛ ويعلم د.حمزة أن التلبيس والتدليس ليس من الخُلُق والعلمية في شيء.
* أشار إلى الباحثة، ديل روزاريو، ولسقوط تاء التأنيث عن فعل «أشار» فلم ينس التذكير بأنها امرأة مدعيًا أني زعمتُ أنها رجل، اطمئن يا دكتور فهي باحثة أميركية كما كُتب في تعريفها بالمقال نفسه وبحثها مترجم للعربية ألحق بالكتاب لأهميته وهو بحث اعتمد على النقل من ثلاثة كتب في العولمة والتعليم، وجرت الإشارة للباحثة في أول ص 63 ثم جرى استعراض الكتب الثلاثة مثلما أوردتها الباحثة مشتملةً على الإحالات في جميع الصفحات من 63-72؛ فأين السطو؟ ألا تخاف ضميرك يا دكتور؟
* أشار إلى النقل في ص 72-81 من عناوينِ أبحاثٍ ألقيت في جامعة الملك سعود، ولم أفهم ما المشكلة في ذلك؛ فقد كتب المؤلف: «عقدت في رحاب جامعة الملك سعود «كلية التربية» ندوة العولمة وأولويات التربية ربيع الأول 1425هـ/ أبريل2004م وقد بلغت الأعمال المقدمة للندوة أكثر من ثمانين بحثًا وورقة عمل،عرض منها أربعة وأربعون بحثًا وورقة عمل خلال ثماني جلسات إضافة إلى حلقة نقاش حول (الأولويات في عصر العولمة)، ومن أبرز البحوث «وفقًا لمستخلصات الندوة في موقع جامعة الملك سعود» العناوين التالية: «ثم جرى ذكر العناوين استنادًا إلى ضرورة إدراج ذوات العلاقة منها بالبحث ضمن أدبيات الدراسة، وذيلت الصفحة الأخيرة حولها بهامش: «لمزيد من القراءة والتفصيل يمكن الاسترشاد بموقع جامعة الملك سعود»؛ أفبعد هذا يبقى شكٌّ حول تدليس المزيني كي يواصل إيهام القارئ المتفرج ويواصل حملة من سبقه؟
* لم يقف د.حمزة هنا بل استدل على استخدام مفردة «أميركي» بدلاً من أمريكي على أن المواضع التي ترد فيها هذه الصيغة ممسوخةٌ من أبحاث كتبها سوريون وفلسطينيون؛ فالسعوديون لا يعرفون هذه الصيغة، وإذ أهنئه على هذا الكشف العظيم فإني أطمئنه أني من هذه الأرض أصلاً وفصلاً ولم أكتب يومًا «أمريكي» بل «أميركي»، وأوشك أن أستعيد أبا الطيب:
إذا ساء فعلُ المرء ساءت ظنونُه
وصدَّق ما يعتاده من توهمِ
وعادى محبيه بقول عُداته
وأصبح في ليلٍ من الشك مظلمِ
* مدار الكتاب ومركزه هو الفصل الثاني المشتملُ على الدراسة التحليلية 85-145 التي اعترف المزيني أنه لم يفهم منها شيئًا، ولم يرد فيها مرجع واحد كما أشار المزيني متعجبًا، ويبدو أني نسيت أن أكتب أني رجعت إلى الجانب الأيمن من المخ هنا والجانب الأيسر هناك مع ذكر اليوم والساعة والدقيقة ومنامًا أم يقظةً!! أبعد هذا يبقى مجالٌ دون رفع علامات استفهام حول علمية الرجل؟ ولن أزيد.
* * لم تزد الحلقة الثانية على الالتفاف الذي مارسه في الحلقة الأولى وهو ما أوقعه في تناقضات جديدة؛ فالبحث الذي لم يفهم جانبه «خميسًا» مضى صار كله ضعيفا في «خميسٍ» لاحق، والجامعة التي لم تُذكر في الشكر لم يشر إلى أنها موجودة في سيرتي الموجزة ص 169؛ وهكذا مواصلًا لغته ذاتَها، ولن أخوض الآن فيما وراء ذلك.
خاتمة
كنت سأُعرض عن هذا السجال بكامله؛ فما أهمتني نفسي يومًا وقد طالها الكثير لكني اضطررت للرد في تويتر لما رأيته من تطاول سمجٍ على قامة أستاذنا ورمزنا الثقافي العربي الدكتور عبدالله الغذامي وهو أقدر مني وأجدر وأصبر ولكن كي لا يُساء إليه بسببي، ولم أحفل بأن أضع ردًا على اتهاماته لي إلا عبر إشارات يسيرة في «تويتر»، ثم استجبتً لرغبة بعض أصدقائي وأساتذتي في هذا البيان المفصل، وسأكمله غدًا إن شاء الله بالحديث عن «الوهم والوسم» والله المستعان فهو حسبنا ونعم الوكيل.
ibrturkia@gmail.comt :@abohtoon