اعتاد المحللون السياسيون أن يسيروا على قضبان القواعد السياسية في التحليل، فالذين قاموا بتحليل زيارة أوباما إلى الشرق الأوسط بعد استلامه للولاية الثانية قالوا بأنها زيارة للتشاور والملاحظة، ففي إسرائيل تكلم عن السلام، لكنه خاطب به الطلاب في القاعة العامة للمؤتمرات، وأطلق يد إسرائيل في الهجوم على إيران، وزار المواقع التي تشكل القبة الحديدية للاطمئنان على نجاحها واستكمالها، وتمنى على الرئيس نتانياهو إعادة العلاقة الاستراتيجية مع تركيا، وحثه على تخفيف الحصار على غزة.
فلعل هذا أهم ما قاله وما فعله، أما ما توارى عن الأنظار في اللوحة التعبيرية، هو أن الرئيس أوباما التقى مع الإسرائيليين، وهذا يعني أنه كان لقاءً بين ممثل الذين اضطهدوا في أوروبا عبر مئات السنين ليستوطنوا الولايات المتحدة مع من اضطهدهم النازية وبعض الدول الأوروبية.
لقد أذن الله للذين أوذوا وأخرجوا من ديارهم بأن الله قد بوأهم حياة أفضل فجاء ممثلهم ليلتقي بالذين أخرجتهم الفئة الظالمة من أوروبا بعد أن اضطهدوا فيها وأحرقوا بالملايين فجاءوا إلى فلسطين، فالقاعدة النفسية تؤكد على أن هناك توحداً بين المظلوم والظالم، فالظالم هنا النازية التي اضطهدت اليهود وأحرقتهم بالملايين كما يقولون ويؤكدون، فلما خرج المظلوم ونال أسباب القوة ظلم أصحاب الحق من الفلسطينين وقتلهم وشردهم، وحاصرهم.
أما الرواد الأول الذين هاجروا إلى أمريكا فقد رحلوا بسبب الظلم والطغيان فتوحدوا مع من ظلمهم فظلموا الهنود الحمر أصحاب الأرض الأصليين واضطهدوهم، ووصفوا بأنها أرض الميعاد، ولما أجلوا الهنود الحمر عن ديارهم جعلوهم في أماكن معزولة يعيشون بعيداً حتى ينقرضوا أو يندمجوا في المجتمع.
أما الرئيس الأمريكي أوباما، فبأصوله التي تحمل تعدداً ثقافياً ودينياً وإن كان قد قدم من أرض الهجرة إلى فلسطين، فإنه جاء ليقول: عليكم أن تنسوا من اضطهدوكم وحرقوكم وأن تعيشوا في سلام مع من ظلمتموهم، لنطوي صفحة الحروب والظلم، ولنتجه نحو السلام والديمقراطية والعدالة.
رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية