هذا ليس مقالاً يمجد رجلاً بيده سلطة، والقصد ليس التزلف لصاحب مكانة، لأن صاحب السلطة والمكانة هنا، ليس في برج عاجي، لا يصل إليه أحد، وليس ممن ينثرون الدراهم على من يمتهنون المدح الممجوج، هو بشخصه وعمله وثقافته، كسر الحواجز بينه وبين الجميع دون استثناء.
أكتب اليوم ونحن نلمس إنجازات مؤسسة الفكر العربي، التي تؤكّد نجاحاتها عاماً بعد آخر، وتحرص على جمع المثقفين والكتاب وأصحاب الرأي في الوطن العربي الكبير، وتجاوزت بالكلمة حدوداً فرضتها السياسة، ورسمت بريشة خالد الفيصل لوحة التضامن من أجل المستقبل، وهو من فتح الباب لواحدة من أنجح التحالفات بين المال والعقل على مستوى العالم.
اهتمام ابن الفيصل بالثقافة والإبداع لا يثنيه ولا يصرفه عن مسؤوليات الحكم المحلي التي يتولاها، بل استطاع أن يوجه طاقات الإبداع فيما يخدم حضوره المحلي والعربي، وهو يمثِّل وطنه بإخلاص وتفان هنا وهناك، واستطاع أن يكون الشمس التي لا تغيب بضوئها ودفئها، في السياسة والشعر والثقافة والفكر.
أسس في السبعينات مؤسسة الملك فيصل الخيرية، وحظي بدعم الملوك وإخوانه الأمراء أبناء الملك فيصل، لتصبح المؤسسة رائدة ومميزة في كل عمل تقوم به، وأطلق جائزة الملك فيصل العالمية، التي حاز عليها عدد كبير من المبدعين والبارزين في مجالات مختلفة، وسبقت جائزة الملك فيصل جائزة نوبل العالمية في تكريم علماء كبار، وهذا يؤكّد مكانتها ومصداقيتها، وفي مطلع التسعينات الميلادية أسس مدارس الملك فيصل وكان إلى جانبه في تحقيق حلم المدرسة النموذجية شقيقه الأمير سعود، وكانت مدرسة وطنية تطبّق معايير عالمية، في جودة برامجها وتطور أساليب التعليم فيها وتركيزها على جوانب لا منهجية لإعداد القادة.
وجاءت جامعة الفيصل والتي أقيمت في قصر المغفور له الملك فيصل، لتكون رائدة في مجال التعليم الجامعي، ولتكون الجامعة الأولى التي تتشارك مع أكبر معاهد وشركات التقنية والعلوم في العالم، لتخرّج المميزين والمبدعين والقادرين على قيادة التنمية في مجالات مختلفة.
وفي مجال الجوائز وتكريم المميزين، نجد هذا الأمر يشغل الأمير خالد الفيصل، ونلاحظ ذلك في الجوائز التي أطلقها ومنها جائزة المفتاحة، والتي توجه الأنظار إلى أبها كل عام، وجمعت المبدعين والناجحين في أجواء الوفاء والتقدير لكل مجتهد وبارز في مجاله.
في أيام مؤسسة الفكر الثقافية، يتضامن المهتمين في الوطن العربي مع مؤسستهم لتحقيق ما عجزت عنه السياسة، ولتحقيق الارتقاء إلى المكانة التي تستحقها لغتنا التي تستهدفها الأيادي العابثة، وهويتنا التي حاولت المدنية تغييبها، وتاريخنا الذي أصبح أمجاداً لا تتعدى حكايات الجدات، دون أن يؤثِّر على حاضرنا ومستقبلنا.
الشكر لمؤسسة الفكر، وعلى رأسها الأمير خالد الفيصل، والمخلصين الكرام القائمين على مؤتمرات فكر وهم نخبة من الشباب المميز بقيادة الأمير بندر بن خالد الفيصل، وإلى جانبه مدير المؤتمر الأستاذ حمد العماري.
لكن ما أقترحه لنستشعر فائدته نحن السعوديين، أن تُقام مؤتمرات ثقافية فكرية عالية المستوى على أرض المملكة، لأن من ينفق على الفعاليات التي تُقام في الخارج هي أموالنا وشركاتنا والمنظمون هم أبناء وطننا، فلماذا نهدي إنتاجنا وتميزنا على طبق من ذهب لدول أخرى تستضيف المناشط المهمة والفاعلة في الوطن العربي، ونطمح بأن نرى مؤتمرات كبرى يُدعى إليها كبار المفكرين والمثقفين والكتَّاب، تُقام على أرض سعودية. وأملي كبير أن يلقى هذا المقترح اهتمام الأمير خالد الفيصل بصفته الأكثر اهتماماً بالفكر والثقافة.
Towa55@hotmail.com@altowayan