المواساة شعور نبيل، وعاطفة سامية، تَنُمُّ عن طيب نفس، وكرم طبع. والمواساة تكون عند حلول المصائب والبلايا؛ فمواساة من أصيب بذلك تخفف مصابه، وتقربه ممن واساه، وتشعره بمنزلته وربما رجعت مودةٌ سابقةٌ بسبب مواساة حادثة. والمواساة تكون بالمال، والجاه، والخدمة، والكلمة الطيبة، والشفاعة الحسنة وما جرى مجرى ذلك. قال ابن عائشة: «جزعُك في مصيبة صديقك أحسن من صبرك، وصبرك في مصيبتك أحسن من جزعك» وقال ابن مناذر: «كنت أمشي مع الخليل فانقطع شِسْعُ نعلي فخلع نعله، فقلت له: ما تصنع؟ قال: أواسيك بالحفاء» وقال حاتم الأصم: «أربعة تُذهب الحقد بين الإخوان: المعاونة بالبدن، واللطف باللسان، والمواساة بالمال، والدعاء في الغيب».
قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: «ثلاثة لا أكافئهم: رجل بدأني بالسلام، ورجل وسع لي في المجلس، ورجل اغبرت قدماه من المشي إليَّ؛ إرادة التسليم عليَّ أما الرابع فلا يكافئه عني إلا الله.
قيل: من هو؟... قال: رجل نزل به أمر، فبات ليلته يفكر بمن ينزله، ثم رآني أهلاً لحاجته فأنزلها بي».
وينسب له -رضي الله عنه- شعر في هذا المعني يقول فيه:
إذا طارقاتُ الهمِّ ضاجعت الفتى
وأعمل فكرَ الليلِ والليلُ عاكرُ
وباكرني في حاجة لم يجد بها
سواي ولا من نكبة الدهر ناصرُ
فَرَجْتُ بمالي همَّه من مقامه
وزايله همٌّ طروقٌ مسامرُ
وكان له فضل علي بظنه
بي الخير إني للذي ظن شاكرُ
- جامعة القصيم - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة