|
الدمام - فايز المزروعي:
شكك اقتصاديون في نزاهة التصنيفات الائتمانية التي تمنحها العديد من وكالات التصنيف العالمية وارجع المختصون ذلك إلى أن الوكالات منحت دول تصنيفات ائتمانية عالية مع أنها تعاني من مشاكل اقتصادية عميقة، إلى جانب منحها بعض المؤسسات المالية تصنيفات ائتمانية عالية رغم اهتزازها بالأزمة العالمية
وقال الاقتصادي الدكتور عبدالرحمن السلطان لـ»الجزيرة» إن وكالات التصنيف العالمية أثبتت بعد الأزمات المالية أن ليس لديها القدرة على إعطاء تصنيفات دقيقة تتضمن الموضوعية والمعلومات السليمة والدقيقة.
وبين أن بعض الدول الغربية منحتها هذه الوكالات تصنيفات عالية رغم مشاكلها الاقتصادية حاليا أو خلال الأزمات المالية السابقة، وعلى العكس نجد دولا أكثر استقرارا وأقل تأثرا بتلك الأزمات تمنح تصنيفات أقل من تلك الدول الغربية، مما يدل على محاباة وكالات التصنيف لهذه الدول، متجهة بذلك إلى نمط المصالح المشتركة وليس إلى الدقة والموضوعية والمصداقية.
وقال السلطان لو نظرنا إلى بعض الدول ذات التصنيفات الائتمانية العالية لوجدنا أن هناك من دول الخليج العربي ممن يستحق تصنيفات أعلى مما هي عليه مقارنة بتلك الدول، حيث أثبتت الأزمات العالمية أن مسألة التصنيفات تعتبر فضيحة لبعض الوكالات التي منحت مؤسسات تصنيفات عالية ولا نراها على أرض الواقع حاليا.
وأضاف السلطان، إنه لا بد على الدول النفطية أو على الأحرى دول الخليج العربي، التركيز حاليا على إدارة مواردها الإدارة الصحيحة التي تطور من اقتصاداتها، ومحاولة إدارة الاقتصادات بشكل أفضل واستغلال مواردها الاستغلال السليم الذي يعمل على نمو هذه الاقتصادات.
من جهته أوضح الاقتصادي فضل البوعينين أن شركات التصنيف لا تخلو تعاملاتها من المصالح، وما يصدر منها من تصنيفات لا يمكن أن يوصف بالنزاهة الكاملة، حيث تعتبر تصنيفات استرشادية وليست قطعية، وأكبر مثال على ذلك أن وكالات التصنيف الائتمانية منحت بعض المؤسسات المالية الأمريكية التي خسرت في 2008 وخرجت من السوق، تصنيفات مرتفعة، ما يعتبر دليلا واضحا على أن تصنيفاتها غير دقيقة، لذلك يجب أن لا ننشغل بما يصدر عنها، خاصة كدولة بحجم السعودية، وذلك لكون الدول التي تحتاج لهذه التصنيفات هي من الدول التي تحتاج إلى الاستدانة من الخارج، فالمملكة ليس لديها هذه الحاجة، فهي تعتبر من كبريات الدول في الاحتياطات المالية على مستوى العالم، ولديها مخزون من النفط يجعلها من أقوى دول العالم ماليا، كذلك لم تتعرض في الأزمة الأولى أو الأزمة الثانية لأي تداعيات داخلية، حيث حقق القطاع المصرفي نموا في الأرباح والموجودات، الأمر الذي يوجب أن تكون المملكة ذات تصنيفات ائتمانية مرتفعة جدا.
وقال البوعينين التصنيفات المرتفعة تكمن فائدتها في الحصول على تويل بأسعار منخفضة، فكلما انخفضت تصنيفات الجهة المقترضة يؤثر سلبا على حصولها على الائتمان وعلى سعر الإقراض بالنسبة لها، كذلك رؤوس الأموال الاستثمارية تبحث غالبا عن الدول المستقرة ماليا وسياسيا، وهذه التصنيفات من المفترض بها أن تأخذ هذا الجانب في عين الاعتبار بالإضافة إلى المخاطر الأخرى، وبذلك يمكن التصنيف أن يكون مؤشرا على جاذبية هذه الدول من عدمها بالنسبة للمستثمرين، ولكن في الغالب كبار المستثمرين وكبار المقرضين يعرفون مكانة وقدر المملكة وبعض دول الخليج وملاءتها المالية إضافة إلى التصنيفات المعطاة لها.
وأضاف هذه التصنيفات في بعض الأحيان غير نزيهة وتحتاج إلى أمور لا يمكن الدخول فيها، لذلك أعتقد أننا لسنا بحاجة ماسة إلى أيها، وإن كان من الأفضل أن نحصل عليها ولكن الأهم الاستمرار في ترقية اقتصادنا من الداخل، وأن نرسخ استقرارنا بما يعطي الصورة الحسنة للمستثمرين والممولين في الخارج، لذلك يجب التركيز بشكل كبير على الاقتصاد داخليا، لعدم حاجتنا في الوقت الحالي إلى تمويل خارجي، كما أننا نمتلك التمويل الداخلي، والدليل على ذلك وجود السيولة من خلال الصكوك الأخيرة التي طرحت في السوق السعودية وتم تغطيتها بأضعاف مضاعفة خلال مدة زمنية قصيرة، وما نحتاجه فقط إدارة هذه السيولة من خلال سوق الصكوك والسندات، فلسنا بحاجة إلى الأموال الخارجية فلدينا ما يكفي ولكن نحتاج إلى إدارتها بشكل مثالي. وأوضح البوعينين أنه مع أهمية الانتقال لمزيد من رؤوس الأموال الأجنبية والتقنيات للاقتصاد السعودي، أعتقد أننا لا نواجه مشكلة في هذا الجانب، حيث نشهد في الوقت الحالي شراكات كبيرة مع أرامكو السعودية أو سابك وغيرها، من خلال رؤوس أموال ضخمة جدا، ما يدل على أن السعودية تحتل موقعا متميزا على خارطة الاستثمارات على مستوى العالم، مؤكدا أن التصنيف الائتماني للمملكة يعتبر جيدا في الوقت الحالي، ولكنه يعتبر أقل مما يستحقه الاقتصاد السعودي.
أما الاقتصادي سعد آل حصوصة فأكد أن المملكة من الدول التي تستحق التصنيف «AAA»، وذلك يعود لعدد من المؤشرات التي من أهمها ملاءتها المالية واقتصادها الكبير الذي يعد واحدا من ضمن أكبر 20 اقتصادا على مستوى العالم. وأبان أن معايير تصنيف الوكالات العالمية قد لا تكون دقيقة لبعض الدول، بينما تكون دقيقة جدا على بعض الدول ومنها دول الخليج العربي، إذ إن الأزمات المالية أثبتت استحقاق بعض دول الخليج تصنيفات أعلى مما هي عليه الآن، وعلى سبيل المثال المملكة التي لم تتأثر داخليا بالأزمات العالمية، وتمتلك اقتصادا ناميا ومتطورا، إلا أنها لم تصل إلى أعلى درجات التصنيف.
وكانت وكالات التصنيف الائتماني العالمية في منطقة الخليج العربي، قد تعرضت لانتقادات شديدة من دول الخليج الغنية بالنفط، بسبب عدم منحها تصنيف «AAA» الممتاز، لتعكس وضعها المالي الجيد، حيث تشعر هذه الدول أن اقتصاداتها أفضل حالاً وتستحق ان يتم منحها تصنيف أعلى، إذ لا تزال هذه الوكالات ترفض منح التصنيف الممتاز لدول الخليج على الرغم من تسجيلها نسب نمو جيدة وابتعاد مخاطر الأزمة الاقتصادية عنها، حيث لا توجد حتى الآن أية دولة خليجية تتمتع بتصنيف ممتاز من أي من وكالات التصنيف الائتماني الرئيسية وذلك على الرغم من أن المملكة تحتل مركز أكبر منتج للنفط في العالم، ولديها من أساسيات الاقتصاد ما يجعلها أبعد ما تكون عن الأزمات التي يعيشها العالم، فضلاً عن أن لدى المملكة واحداً من بين أكبر عشرين اقتصادا في العالم. وكانت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية قد نقلت مؤخراعن وزير المالية إبراهيم العساف قوله على هامش اجتماع وزراء المالية العرب: نرى أنه يتم منح اقتصادات متقدمة تصنيف «AA» واقتصادات أخرى يتم تخفيضها أبعد من ذلك، في حين يتم تجاهل الأسواق الناشئة مثل بلادي.. نحن حقا نستحق تصنيفا ائتمانيا أعلى. من جانبها، تضغط قطر الغنية بالغاز، والتي تعد من بين أغنى دول العالم، أيضا للحصول على ترقية أعلى من تصنيفها الحالي «AA» المزدوج من وكالة التصنيف الائتماني «ستاندرد آند بورز» (SالجزيرةP). ومثل المملكة، تشدد قطر على أنها تستحق التصنيف «AAA». وتتمتع كل من المملكة وقطر بتصنيف (AA) من وكالة «ستاندرد أند بورز» للتصنيف الائتماني، وهو تصنيف أقل بدرجة واحدة من التصنيف الممتاز الذي يمثل أعلى تصنيف في العالم، إلا أن كلاً من البلدين، ومعهما العديد من الخبراء الاقتصاديين، يعتقدون أن كلاهما يستحقان تصنيفاً أعلى، خاصة مع خفض تصنيف بعض الاقتصادات الكبرى – بما فيها الولايات المتحدة وبريطانيا- اللذان يعانيان من مشاكل اقتصادية عميقة.