الذي دعاني لكتابة هذا الموضوع هو الزجّ باسم المملكة (من وقت لآخر) في المحافل الدوليَّة للترشح لمنصب قيادي دون التحضير اللازم والتفاوض على أساس مهني ومن ذلك ترشيح المملكة مؤخرًا الدكتور حافظ المدلج لرئاسة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم وتزاحم ثلاثة خليجيين على هذا المنصب وعدم عمل الجهات المختصة أيّ جهد قبل وبعد ترشيحه، الذي يبدو حتَّى الآن (وحسب تصريحات المرشح) أننا سنسحب ترشيحنا!! كما لا ننسى ترشيح معالي الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله- لليونسكو الذي لم ندرسه جيّدًا
وإمكانية تعزيز ترشيحنا من قوى كبرى في المنظمة.
بدأت مشاركتي في الفرق التفاوضية منذ نحو خمسة وعشرين عامًا بتفاوض دول مجلس التعاون الخليجي مع الكيانات الاقتصاديَّة الدوليَّة وكانت مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكيَّة واليابان في البداية، وكان مندوبو الدول الخليجيَّة يتألف من عدَّة جهات وكل ممثل من الممثلين لديه توجيهات خاصة من وزارته وبدون سابق تنسيق بين ممثلي كل دولة. بل وبين الدول وللحقِّ كان أفضل فريق تفاوضي هو الفريق العماني الذي عادة ما يكون قد حضّر للاجتماع بِشَكلٍّ مهنيٍّ ولديه تعليمات من جهة واحدة وبالتالي رئيس الفريق لديه الصلاحيات حسب التوجيهات من هيئة عليا للمؤتمرات.
كان موقفنا في المفاوضات دائمًا ضعيفًا، لأن سوقنا مفتوحٌ ولا يوجد لديه متطلبات للدخول فيه وبالتالي فإنَّ الدول لن تتنازل عن شيء إلا بمقابل وطلبوا شروطًا تحقَّق معظمها مع ما فيها من اجحاف بحقنا، ومع ذلك حتَّى الآن لم نوقع مع أيّ دولة منطقة تجارة حرة بِشَكلٍّ جماعيٍّ وإنما تَمَّ بِشَكلٍّ جزئيٍّ (مع الأسف) بين البحرين والولايات المتحدة (بموافقة دول المجلس) وبِشَكلٍّ مخالفٍ لما تَمَّ الاتفاق عليه منذ البداية بين دول المجلس من أن يكون التفاوض جماعيًّا مع الكيانات الأخرى التي غيرتها الولايات المتحدة (لغرض في نفس يعقوب).
ومن القصور في التواجد في المنظمات الدوليَّة، فشل المملكة في الترشح لمنصب أمين عام منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعيَّة (اليونيدو)، حيث كان مرشح المملكة سعادة الأخ الدكتور أحمد صالح التويجري -رحمه الله- وبالطبع لم ننجح بالرغم من أن المملكة كانت في ذلك الوقت من الداعمين لهذه المنظمة بمبلغ مليون دولار أمريكي إعانة غير مشروطة تتصرف بها المنظمة كيفما تشاء (فيما بعد تحوَّلت إلى دعم مشروط) هذا إضافة إلى التزام المملكة وكعادتها في جميع المنظمات الإقليميَّة والدوليَّة بدفع رسوم عضويتها في وقتها دون أيّ تأخير، بالرغم من أن استفادة المملكة من بعض المنظمات لا تتعدى حضور الاجتماعات. فالترشيح وحده لا يكفي إِذْ لا بُدَّ من عمل اتِّصالات مع كل من له علاقات بالمملكة سواء سياسيَّة أو اقتصاديَّة أو دينيَّة (بما يسمى لوبي) كما لم تقم السفارة بدورها المطلوب.
وكنت عند التصويت ومع الأسف الشَّديد ألاحظ عدم حصولنا على أصوات عربيَّة ولا إسلاميَّة وكانت أصواتهم تذهب للآخرين الذين يعطونهم الوعود بالبرامج والوظائف القياديّة التي لم نفكر يوميًّا في الاستفادة منها، على الأقل لإكساب موظفينا الخبرة الإقليميَّة والدوليَّة في هذه المنظمات.
والله الموفق
musallammisc@yahoo.com*عضو جمعيتي الاقتصاد والإدارة السعودية- مستشار اقتصادي