كانت لحظات رائعة عشتها في الحفل السنوي الثاني لجائزة الأميرة عادلة بنت عبدالله العلمية والإنسانية التي أقيمت بحضور صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبدالله بن عبدالعزيز حفظهم الله, حيث أتت هذه الاحتفالية لهذا العام من واقع التحدي الذي أعلنته صاحبة السمو بكونها رئيسة مجلس إدارة جمعية سند الخيرية لدعم الأطفال المرضى بالسرطان, أقول التحدي وصف واقع وليس مجازا لما شاهدته بأم عيني لهذا التأثير الكبير القوي الواضح على واقع الأطفال المصابين بالسرطان من خلال المجهودات العظيمة التي تقوم بها جمعية سند, ذلك كله عبر توجيهات ومساندة صاحبة السند عادلة بنت العادل ودعمها المستمر لكافة المجالات المعنية بهذا الشأن, سواء الباحثين في آليات العلاج أو التخفيف أو في المجال الأكثر أهمية والذي أولته صاحبة السمو الاهتمام البالغ ألا وهو جهود عائلة الطفل المصاب بالسرطان ومتابعتها لمراحل العلاج وتخفيف المعاناة من خلال الاطلاع والاستفادة من البرامج التي توفرها الأجهزة الصحية أو الجمعيات المساندة وعلى رأسها سند الخيرية.
لا أنكر وبكل موضوعية أن أي موضوع يتعلق بالأطفال له طابع خاص وتأثير قوي على نفوسنا وعقولنا, على حد سواء الأطفال المرضى أو الأصحاء, حتى لو كان الأمر معني برفاهيتهم وألعابهم فإن النفس تتوق للطفولة الساكنة ترحالا معنا إلى آخر العمر, لكن كثيرا ما تكون غالبية الجهود دعوات وأمنيات, وقلما نرى نتائج عملية تبرز على أرض الواقع وتحقق الأهداف التي يسعى لها أي مجتمع حضاري, هذا ما رأيته واقتنعت به من خلال ما اطلعت عليه من جهود سند الخيرية في دعم الأطفال المصابين بمرض السرطان, فتوجهاتهم لم تكن فقط محصورة بما يمكن توفيره على سرير الشفاء بل امتدت لتصل إلى منبع الثمرة الطيبة التي ابتلاها الله عز وجل بحكمته ومحبته وهي العائلة والبيت والأسرة.
وجزما إن مشاركة معالي وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين في هذه الاحتفالية تؤكد أن المخطط الذي رسمته العادلة بنت العادل حفظهم الله مخطط متكامل يراد به الوصول إلى توعية المجتمع ككل من خلال دمج الإمكانيات الخيرية التبرعية مع الإمكانيات الحكومية الإلزامية, هذا الاندماج الذي رأيته وتيقنت منه بعث الأمل في نفوسنا جميعا, فمناحي الحياة متعددة وابتلاء الله سبحانه وتعالى يأخذ من الأشكال الكثير, اليوم احتفلنا بمنهجية الدعم لأطفال مرضى السرطان وغدا لدعم ابتلاء آخر نصاب به وأطفالنا, هي سلسة متصلة تبدأ بخطوة ثم تتضح المسيرة وتتشكل المعالم, نعم معالم دولة ومجتمع نذر نفسه لخدمة نفسه, بقيادة ألهمها الله الحكمة والرشاد والصبر والقوة, بنت العادل العادلة ما قامت بما هو مستغرب منها ولا فعلت ما لا نتوقع منها, فبنت أبو متعب نخوة متعب وإخوانه كل ما تقوم به طيب متوقع منتظر, فالنبتة الطيبة الصالحة لا تعطي إلا ثمرا طيبا صالحا مباركا, هذه من القواعد النادرة التي لا استثناء لها أبدا.
نعم سيدي ومولاي أبا متعب حماك ربي وأدام عزكم وعز أهلكم, أنت من الذين ترون الخير الذي تزرعونه تحقيقا لكلامه عز من قال: «ومن يعمل مثقال ذرة خير يره», وكلنا يا خادم الحرمين شهود, ورب العزة لا يخفى عليه سر ولا علن لكنا سنسأل يوم لا يكذب فيه لسان, ستشهد لك البلاد مع العباد, أنكم ما ادخرتم جهدا ولا آليتم وقتا إلا وبذلتم فيه كل ما تستطيعون لخدمة وطنكم وشعبكم وأمتكم, ما تقوم به العادلة لم يأت من فراغ بل هي دعواتكم استجاب لها ربي حين رفعتم اليدين لمجيب الدعاء:» ربي هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء» صدق الله العظيم.
الذرية الطيبة حين يهبها الله لمن طلبه بالدعاء واستجاب له محبة في عبده وإكراما له, هذه الذرية يرعاها الله عز وجل ويحفظه, حين تقدمت للسلام وهممت به على أبناء الطيبين صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالله وصاحبة السمو الملكي الأميرة العادلة بنت العادل أحفاد أبي متعب حفظهم الله جميعا, حقيقة أبهرني هذا التواضع من صاحبي السمو الملكي الأمير سلمان والأمير محمد أبناء الأمير فيصل والأميرة عادلة حماهم الله, وأنا جالس على كرسي المدولب كانت لفتتهم الكريمة التي ليست بغريبة لكن الطيب منهم كلما أتانا زادنا فيهم انبهارا ولهم محبة وعمق جذور الولاء والانتماء, جلسا على قدميهما سلاما علي شاكرين لي حضوري, كم كانت لحظات شعرت فيها بالسعادة تملأ وجداني وتخرج الحمد والشكر لله فطرة على لساني, هذا التواضع اللا مستغرب منهم جعلني بوجودهم حولي وبحفاوتهم وابتساماتهم أتيقن من وصف العرب لمن طاول السماء فرحا, كنت حينها أطاول النجوم وما أعادني إلى كرسيي المدولب المتحرك إلا تواضعهما وبشاشة وجههما, تلك من اللحظات النادرة جدا في حياتي التي سمحت فيها للغرور أن يتسلل إلى ذاتي, غرور محمود فهو مصاحب لذكر الله وحمده وشكره.
قد تكون الروحانية التي عشتها في تلك الاحتفالية غلبت على كلامي أعلاه وفرضت نفسها, كنت قد بدأت الكتابة وبنيتي التركيز على الإنجازات والمشروع والأهداف وما ننتظر مستقبلا من المزيد المزيد من العطاء, لكن الروحانية وتلك الآثار الجميلة التي رسموها على عقلي الباطني جعلت الكلمات تنساب مني وترسم نفسها بنفسها على ورقاتي, سمحت لها ففي مثل هؤلاء الطيبين لن ألجم كلمة ولن أمنع حرفا يتسابق في مدحهم والثناء عليهم, وأراني وقد انضممت لهم داعيا ربي أن يحفظهم ويحميهم ويسدد على طريق الخير خطاهم.
نعم الوطن ينتظر منا مزيدا من العمل, ما تم إنجازه في جمعية سند بإشراف صاحبة السمو العادلة حفظها الله على كبر حجمه إلا أنه خطوة على طريق الألف ميل, خطوة من شأنها تشجيع كل من هو قادر على العمل أن يبدأ العمل, اعمل بنفسك أو ادعم من هم راغبين وقادرين على العمل, دعاؤك جميل إن لم تملك غيره لكنه أبدا ليس كافيا إن كنت من أهل القدرة وذوي السعة, مالا وعلما وجهدا وإرشادا, ليس منا من هو محمي من ابتلاء الله إن لم يكن في نفسه ففي بعض منه ومن أغلى منهم أطفالنا فلذات أكبادنا, اعمل لمستقبلهم فمن تخدمه اليوم وتساعده لتجاوز محنة المرض فلا بد لمدين الخير أن يسد دينه لدائن الخير بكفالة مالك الخير كله.
حماك الله يا وطني, حماك الله وأعزك بعزه وأظل عليك من خيره, حماكم الله أيها الضاربون في الأرض بأمر الله معتمدين على توفيقه, حما الله العادلة بنت العادل وجعل عملها نبراسا يستنير به من في قلبه ذرة من حب لهذا الوطن, وفقكم الله سيدي خادم الحرمين الشريفين وأطال في عمركم و ولي عهدكم الأمين وأرانا بعينيكم ما تصبون إليه وتتمنونه وتعملون من أجله واقعا تخوض به الأجيال القادمة مستقبل السعودية ازدهارا وسلاما.