اختارت الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، مرشح المملكة العربية السعودية وزير الثقافة والإعلام السابق (إياد أمين مدني) أمينًا عامًا لمنظمة التعاون الإسلامي لمدة خمس سنوات اعتبارا من الأول من يناير عام 2014م، ليصبح أول سعودي يشغل المنصب، وجاء الإعلان الرسمي للقرار، في مؤتمر القمة الإسلامي الأخير 2013م المنعقد في القاهرة، معالي الأخ (إياد مدني) علم من أعلام الإعلام في المملكة العربية السعودية، وواحد من أبنائها الباذلين المخلصين، شخصية ممتلئة وفذة، متنوعة الاهتمامات والكفاءات وصاحب التجربة الثرية، الاستشارية - الإعلامية - الوزارية - السياسية - الاجتماعية، سأبدأ مع معاليه من حيث عرفته، إبان توليه حقبة وزارة الثقافة والإعلام قبل وزيرها الحالي، معالي الدكتور عبدالعزيز خوجة، الذي شهد الإعلام والثقافة في عهده قفزات غير مسبوقة، أعرف عن معالي الأستاذ إياد مدني، امتعاضه لدرجة الإغراق، جراء سماعه لكلمات الثناء في حقه، ولكن المشاعر في هذه المقالة الخاطفة، أبتْ إلا أن تجبر المداد بالبوح بما في مكنون الخاطر تجاه هذه الشخصية، مدادي هنا لن يتجاوز الحدود ولن يجرؤ على بيان، إلا ما هو باق ومحفور في الذاكرة، أدين به للمولى جلت قدرته، أحسب لمعاليه ذلك، ولا أزكيه على خالقه سبحانه، وقبل الشروع في المراد من هذا المقال، لا بد لي من تهنئة معاليه بهذا المنصب الكبير الذي أعتبره بالنسبة لمعاليه تكليفا قبل أن يكون تشريفا، معاليه يتولى هذا المنصب في مرحلة صعبة للغاية تمر بها الأمة العربية والإسلامية في خضم ما يشهده عالمنا العربي والإسلامي من ثورات طاغية تقود إلى المجهول، مع ظنّ البعض أنها ربيع عربي!! ما علينا، كيف عرفتُ وتعرّفتُ على معالي الأستاذ إياد مدني؟ وكيف هو عرفني؟ الرجل آية في الذكاء (ما شاء الله تبارك الله) لا يختلف في ذلك الفهم اثنان، ولا ينتطح فيه عنزان، شخصية متمكنة في اللغة العربية، وسلامة الأسلوب من الركاكة، رجل مستمع من الدرجة الأولى، يطربُ من يعمل معه، لوضوحه، ووضوح توجيهه، وجزالة عبارته، ولا غرو في ذلك، فبيته، بيت علم وتاريخ وثقافة، والده المعروف (أمين) الأمين على الثقافة الإسلامية، وعودة إلى نقطة بداية المعرفة والتعارف بين الأستاذ وطالبه، معاليه في معترك العمل في وزارة الثقافة والإعلام، شعر أن ثمة من يحمل درجات علمية رفيعة يعيش في الظل، فقرر معاليه أن يجتمع بكل من يحمل درجةلماجستير والدكتوراه، وكنتُ أحد (هؤلاء المقبورين) في مرتبتي العاشرة في التلفزيون، وذلك في حقبة ما قبل معاليه، التي أعتبرها وغيري من المظلومين المقهورين، حقبة سوداء (استثنائية) في تاريخ هذه الوزارة، لم تزل مسرحياتها الهزيلة تروى، المهم استدعيت وغيري للاجتماع (التاريخي) وكنت في ليلة الاجتماع، أتمنى لو أتيحت الفرصة لي، للحديث وشرح معاناتي، نتيجة التجاهل المظلم، المهم بدأ معاليه الاجتماع، والحضور من الزملاء والمسئولين تغص بهم قاعة الاجتماع، وإذا بمعاليه يوجه نظره صوبي وكنت أظنه لا يعرفني، قال معاليه (وش رأيك يا دكتور تستفتح هذا الاجتماع بما لديك؟) قلت لمعاليه أشكرك أولاً وأخبرك بأني كنت أتمنى ذلك، بدأت أتحدث بطلاقة عن معاناتي وهو يستمع ولا يقاطع البتة، ومما قلته ورسخ في ذهن معاليه، قولي (إنني يا معالي الوزير، حاصل على درجة الدكتوراه من أعقد جامعة في العالم ولم أحصل عليها من محلات أبو ريالين أو قد عُملت لي بمقابل) وكلما جاء دور غيري من الزملاء قال له معاليه من أين تحصلت على شهادتك أو هي من أعقد جامعة في العالم كما يقول الدكتور الجوير، يقولها على سبيل الدعابة اللطيفة، المهم صار هذا الاجتماع فأل حير عرفني معاليه من خلاله، ووجه بترقيتي على الفور للمرتبة الحادية عشرة على وظيفة (مستشار إعلامي) في مكتب معاليه، وبعد صدور قرار ترقيتي، قابلت مدير مكتبه مستفسراً منه عن مكان مباشرتي الفعلية، هل هو في مكتب الوزير أو أبقى في التلفزيون؟ قال تريث، لا بد أن يوجه معالي الوزير في هذا الشأن، وفي اليوم التالي وإذا بمدير مكتب معاليه يهاتفني ويقول إن معالي الوزير يقول (نريده عمودا من أعمدة المكتب) فاعتبر نفسك من منسوبي مكتب الوزير من هذا اليوم، وقد أحلت لك معاملات، فالتقيت معاليه وشكرته على فوزي بثقة معاليه وترقيتي، فرد قائلاً، هذا من توفيق الله لك، ثم (مؤهلك وعملك) هو الذي حقق لك مرادك، نتمنى لك التوفيق، ومضت سنوات العمل مع هذا الرجل، قائمة على أركان الجدية والمتعة وتجسيد معنى الإخلاص وإنزال الناس منازلهم وعدم التقاعس، يقدر معاليه المتعلم والفاهم لعمله، يوجه هذا ويثني على ذاك، يعرف كل صغيرة وكبيرة، تدور في جنبات مكتبه، يعرف الاستغلاليين عن كثب، يخشاه المسئول قبل الموظف الصغير، لما يمتاز به من دهاء وقوة قرار واحترام للجميع، خلاصة القول، هذه الشخصية، أحدثت انقلاباً مفصلياً في حياتي الوظيفية، كرسها الوزير الحالي (الاستثنائي) في عمله وجهده، معالي الدكتور عبدالعزيز خوجة، الذي أجد منه ألوان (الثقة والدعم والتشجيع والإشادة) وعود على بدء، أكرر تهنئتي لمعالي الأستاذ إياد مدني هذا المنصب، وأرجو أن يوفق فيه خير توفيق، ولا شك أن المهمة بذاتها، صعبة وشائكة، لكنها حتماً -بعزيمة الرجال وإصرارهم- يسيرة، بإذن الله وتوفيقه، بقي القول إن ترشيح قيادتنا الرشيدة لمعاليه لتولي هذا المنصب، كان تتويجاً لقدراته وعطاءاته المبنية على خبراته التراكمية، وأن إقرار هذا الترشيح في قمة مؤتمر التعاون الإسلامي الأخيرة، في ختام اجتماعات دورتها الـ12 بالقاهرة، بني على هذا الأساس... ودمتم بخير.
dr-al-jwair@hotmail.com