بمزيد من الأسى والحزن بلغني خبر وفاة صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالعزيز آل سعود نائب رئيس الحرس الوطني سابقاً الأسبوع الماضي، وكنت خارج المملكة، لقد تأثرت كثيراً بخبر وفاته على الرغم من أنه كان يعاني من المرض منذ فترة طويلة، ولكن الأعزاء والكرماء لهم مكانتهم في النفوس، ولفراقهم لوعة، ولرحيلهم حزن وأسى.

وزاد تأثري غيابي عن المملكة وعدم قدرتي على الصلاة والمشاركة في العزاء لإخوان وأبناء وأحباء الفقيد فالحمد لله على كل حال.

عرفت سموه رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، منذ التحاقي بالحرس الوطني وكيلاً مساعداً للشؤون الفنية عام 1398هـ ثم وكيلاً للشؤون الفنية ووكيلاً للحرس الوطني لمدة قاربت على أربعة وعشرين عاماً، كان سموه الكريم مصدرا للعلم والمعرفة والخبرة الإدارية، والمعرفة الإنسانية والأخلاق العالية، كان الوالد والموجه والمرشد والداعم والمؤيد، وكان -رحمه الله- يتحمل ما قد يصدر منا من زلات وهفوات، ويحملها على أنها اجتهاد غير موفق، وكان -رحمه الله- يقدر الإخلاص والتفاني والإنجاز وطلبات المراجعين ويحرص على تقديم كل خدمة لهم.

لقد ساهم سموه الكريم مساهمة فعالة في إدارة وتسيير الحرس الوطني ذلك الجهاز الحضاري والتنموي والعسكري، ساهم في تطويره عسكرياً، وإدارياً، وفنياً، وترك سموه بصمات لا تُنسى في هذا المضمار، كما ساهم -رحمه الله- في إدارة وتسيير وتطوير المهرجان الوطني للتراث والثقافة - الجنادرية - وكان في أيام نشاطه يشرف على نشاطاته بكل التفاصيل، كان سموه يخصص كل وقته أثناء فعاليات المهرجان، للمهرجان وضيوفه وفعالياته، كما كان لسموه الكريم دور كبير في تسيير وإدارة وتطوير نادي الفروسية، ورعاية المسابقات التي كان ينظمها النادي، ومتابعة الفعاليات التي يقوم بها، كما كان لسموه دور كبير في إنشاء وإدارة وتطوير مجلة الحرس الوطني التي لا تزال تصدر إلى اليوم والتي تحظى باهتمام كبير من رجال العلم والفكر والأدب، كان سموه الكريم محباً للخير وفاعلاً ومحققاً له مخلصاً في عقيدته وإيمانه بالله وحبه لوطنه ومواطنيه.

أقدر لسموه موقف شهم لا يمكن أن أنساه وهو أنني عندما رغبت أن أدخل في نادي ملاك الخيول واشتريت بعض الخيول، ولم يكن لدي اسطبل ولا استعدادات لذلك أرسل إليَّ سموه أحد العاملين في اسطبل سموه وقال: ليس لديك الاستعدادات لهذه الخيول وسوف تكلفك كثيراً وتشغلك أكثر، وربما لا تستمر في هذا الطريق، لذلك يعرض عليك سموه استضافة خيولك في اسطبله ومعاملتهن معاملة خيوله، وهذا ما صار فعلاً حتى قررت الخروج من هذا النادي بسلام.

مواقف سموه المشرفة معي ومع غيري كثيرة ومتعددة لا تحصى وكلها تدل على نبل الأخلاق، وصفاء القصد، ونقاء العقيدة، وحب الوطن والمواطنين.

رحم الله أبا فهد وأسكنه فسيح جناته، ورصد ما عاناه من مرض وتعب وإرهاق وما قدمه لي ولغيري في سجل حسناته ورفع درجاته، وحشره مع الأنبياء والصالحين، وعزائي الصادق لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ولسيدي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولسيدي النائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولأشقاء وأبناء وبنات وأحفاد الفقيد، ولكل من فقد في رحيله رجلاً غالياً وأميراً عزيزاً، ومواطناً صالحاً.

غفر الله للأمير بدر وأسكنه فسيح جناته إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ .