|
الجزيرة - متابعة ورصد - عبدالرحمن المصيبيح ومندوبة الجزيرة:
العراقة لها مجالها المغناطيسي، ولذلك تظل مدينة الملك سعود الطبية بالشميسي مقصدا مهما في العاصمة الرياض للمرضى والمراجعين، لما اكتسبه هذا المجمع من مكانة تكونت عبر العقود، ليصبح محل ثقة مراجعيه، وليكون موئلا لخبرات مميزة في كل ما يتعلق بالعمل الطبي.
السمعة والعراقة والمكانة الكبيرة في النفوس.. ثمنها كان ذلك الحشد الكبير من المراجعين، والذين لم تمتص زخمهم المستشفيات المتعددة حكومية وغيرها المنتشرة في العاصمة الحية، ليشهد المكان توسعات متعددة، وحركة تحشيد للكوادر والخبرات الطبية والخدمية وغيرها، ومع ذلك تضيق مدينة الملك سعود الطبية بما رحبت، لتعود الأصوات كي ترتفع مجددا بالطلب المستمر: (توسعوا .. وسّع الله عليكم)!
(الجزيرة) استقصدت مكانا محدودا داخل المدينة الكبيرة، هو المكان المخصص لاستقبال العينات والتحاليل، للمرضى والمريضات، فالمحطات التي يمكن التوقف عندها كثيرة، لكن حسبنا ما انتقيناه، لتكون هناك فرص قادمة، نتمنى الوقوف فيها على ملامح أخرى من المدينة الطبية المعروفة.
(وش فيه) ؟
السؤال رفعه طفل بدأ للتو اكتشاف قدراته الكلامية، والشخص الموجه له السؤال كان والده الذي جلس ملاصقا له. أما المقصود من السؤال فهو سجين جاء للمراجعة والفحص، وكانت الأغلال تكبل أطرافه، في منظر لفت نظر الطفل، بل ولفت أنظار كل المراجعين، في مكان شديد الاستقطاب للنظرات والهمس ولغة الملامح الوجهية!
بوح المراجعين:
حال وصولنا للمكان.. جلسنا واستمعنا لـ (أبو محمد)، الذي يراجع العيادات الخارجية، ويعبر عما يشعر به إزاء معايشته للواقع: «جهود العمل كبيرة، لكن الضغط أكبر بكثير على المرفق، هناك حاجة لتوسعة مكانية، وزيادة في أعداد الأطباء والممرضين وكل الطاقم الطبي». أبو محمد الذي جاء مستشفيا بصحبة اثنين من أبنائه لم يخف امتعاضه وحزنه أيضا مما يرى من منظر المساجين في العيادات، حيث يبدو المنظر وكأنما هو عقوبة إضافية للمسجون، بأغلاله التي يجرجرها متنقلا بين العيادات وفي الممرات، والناس يطالعون ويتهامسون !
أولوية مطلوبة لهؤلاء
أما المواطن أبو فهاد - قادم من خارج الرياض- فكان متألماً من كثرة الزحام أمام قسم استقبال العينات: «ما تمنيته أن يحظى المعاقون وكبار السن بأولوية مادامت هناك مشقة رغم الجهود الكبيرة المبذولة لخدمة المرضى» مؤمّناً على حديث من سبقه بأن التوسع في المكان والكوادر الطبية بات ضرورة لاستيعاب ضغط العمل، وضرورة العمل على حل مشكلة المساجين المراجعين للعيادات، لتكون هناك خصوصية إنسانية في التعامل مع حالاتهم.
مندوبة (الجزيرة): أنا هنا!
مندوبة (الجزيرة) لم تكن بعيدة، فسجلت هي الأخرى حضورها في قسم النساء الخاص باستقبال العينات وسحب الدم وإجراء التحاليل: «أعاني كثيرا، الأمر لا يطاق، الأعداد كبيرة والانتظار يطول ويطول» تقول لها أم إبراهيم، وهي امرأة كبيرة في السن تم نقلها بواسطة عربة خاصة بالمعاقين، مضيفة :»التوسعة ضرورية، والمكان مليء بالمراجعات من الكبيرات والمعاقات المريضات».
رؤية لفك الاختناق
لكن السيدة منيرة أم محمد، والتي ترى مثل سابقاتها ضرورة التوسعة وزيادة أعداد الكوادر الطبية النسائية، تضيف فكرة أخرى لمواجهة الضغط وتخفيف المشقة على المراجعات: «أتمنى أن تبادر وزارة الصحة لإيجاد مختبرات في المراكز الصحية داخل المدينة، وتوفير الإمكانيات كافة داخلها، فالتزاحم الذي نراه الآن بهذا الشكل يساعد على نقل الأوبئة والأمراض، ويزيد من معاناة المراجعات للعيادات والمرافق الملحقة بها».
ثقة كبيرة
«أقول لكم الحق؟ الخدمات لا قصور فيها أبدا».. تقول السيدة عائشة محمد لـ (الجزيرة) إجابة عن أسئلتنا، مؤكدة ثقتها الكاملة في خدمات هذه المدينة التي تتفوق على غيرها في جانب الثقة: «هذه المدينة زاخرة بالأجهزة الضرورية، والخبرات العميقة المتعددة، رغم ضغط الأعداد المتزايدة من المراجعات».
حاجة للتوسع
الزحمة تعصف بالمدينة الطبية الكبيرة، والانتظار للسليمين من الأمراض داء فتاك، فكيف بالمرضى الذين يتحرقون لأخذ الفحوصات، والحصول على النتائج، وتلقي العلاج؟!
واضح أن التوسع يظل مطلبا متجددا، فكلما ازداد عدد السكان، زادت الحاجة لتوسع الخدمات المقدمة لهم، و(الشميسي) اسم عريق في الخدمة الطبية، ما يرمي عليه عبئا إضافيا هو المحافظة على ذلك الاسم، والبقاء في المكانة المرموقة التي يضعها فيه المواطنون من كل أنحاء المملكة.
أيضا دعونا نقف احتراما لسؤال الطفل: (وش فيه)؟ ففيه إشارة لمنظر جارح لا نريده للنزلاء الذين يكفرون عما اقترفوا في دور الإصلاح، ولعلها سانحة للنظر من إدارة السجون ووزارة الصحة في إمكانية تخصيص عيادات للتعامل مع حالات المرض وسط هؤلاء بعيدا عن أعين الآخرين، تكون بإمكانات قادرة على استيعاب الحالات المرضية وسط المساجين.