|
تشكّل كيفية إدارة المرحلة التي تفصل بين لحظة ولادة فكرة ولحظة اعتبار مفهوم جاهزاً للتطوير مفتاح الأساس لإطلاق عمليات الابتكار غير المنتظمة.
ويركّز ابتكار من هذا القبيل على أفكار لا تتماشى مع القدرات الحالية للشركة، ولا يستند إلى حالة عملية واضحة، وينطوي على مخاطر عالية.
غالباً ما يتصدّر جهود تطوير هذه الأفكار الجنونية فردٌ واحدٌ، ولا يتلقى عادة إلاّ توجيهات قليلة، إن لم تكن منعدمة، من المؤسسة.
ولسوء الحظ، يكون الربط الشديد للفكرة بالشخص المعني معرضاً في أحيان كثيرة للتقلبات على صعيد سياسة الشركة – فلا تملك إلا أقلية حصة فيه، في حين تغيب الإجراءات الواضحة لتمويل المشروع والمضي قدماً به.
يجعل هذا كله الابتكارات المتفرّقة عرضة لمخاطر كبيرة. وبالتالي، كيف تتطرق الشركات لهذه المشكلة؟ فللنظر إلى شركتين عثرتا على إجابة على ما يبدو:
أسست شركة «بروكتر أند غامبل» صندوق الابتكار المؤسسي، لتوفير رأس مال تأسيسي للأفكار «المشتتة» التي ما من صاحب طبيعي لها ضمن المؤسسة. ويؤدي الصندوق دوراً محورياً في جمع فريق العمل المناسب، الذي سيتولى هذه الأفكار على عاتقه، مع الإشارة إلى أن استثمارات الصندوق تكون بدورها مستقلّة عن دورة الموازنة التقليدية، ما يَحُول دون تنافس الأفكار الشديدة المخاطرة مع مشاريع تعتري أهمية أكبر للحصول على أموال.
وقد اعتمدت شركة «سامسونغ إلكترونيكس» مقاربة مماثلة. ويكرّس مركز برامج الابتكارات القيّمة الذي أطلقته – ومقره سوون، موقع التصنيع الرئيسي للشركة على مقربة من سيول في كوريا الجنوبية – وقته لمراجعة الأفكار المبتكرة التي تصل بصورة غير منتظمة.
والجدير ذكره أن المركز يفتح أبوابه على مدار الساعة، ويضم 20 غرفة للمشاريع، و38 غرفة نوم، وصالة للتمارين الرياضية.
ويمكن لأي شخص يملك فكرة أن يروّج لها في المركز، الذي يستقبل بالمعدل نحو 90 مشروعاً كل عام.
وفي حال تم اختيار فكرة، يوفر المركز حماية مؤسسية خلال أولى مراحل المشروع. ومنذ إنشاء المركز، نال تنويهاً على توليده سلسلة من المنتجات التي شهدت تألقاً، بما يشمل تلفزيون «بوردو» الذي كان دوره أساسياً في جعل «سامسونغ» رائدة في هذه الفئة من مجال إنتاج أجهزة التلفزيون.
لقد اكتشفت «بروكتر أند غامبل» و»سامسونغ» طرقاً لتعزيز مبادراتها التي كان ينقصها طرف راعٍ. وفي ظل تحديد أوضح للمخاطر والفرص، تجد هذه الأفكار الغريبة في العادة ملاذاً لها بين أيادي مطوّري المنتجات، ووحدات الأعمال المختلفة في الشركة، حيث يمكن للعمليات الاعتيادية في كل شركة أن تطغى على ما تبقّى.
- (أليساندرو دي فيوري هو الرئيس التنفيذي للمركز الأوروبي للابتكار الاستراتيجي European Center for Strategic Innovation، ومقره ميلانو).