باسم يوسف.. اسم أصبح في الآونة الأخيرة أشهر من نار على علم، حين بات يتصدر عناوين الأخبار ومانشيتات الصحف وأضحت تتسابق القنوات العربية والأجنبية لعقد لقاء معه والتقاط تصريح من هنا أو تعليق من هناك، خصوصا بعد حادثة استدعائه من قبل النائب العام للتحقيق معه في ما نسب إليه من تهم تشمل ازدراء الإسلام وإهانة الرئيس محمد مرسي، وأفرجت عنه بعد ذلك بكفالة قيمتها 15 ألف جنيه.
باسم يوسف الذي كان يطل على جمهوره عبر برنامج سياسي ساخر في موقع اليوتيوب، ومن غرفة غسيل الملابس في منزله بصورة ومونتاج متواضع، أصبح خلال أيام قليلة رمزا ارتبط بحرية الإعلام وأضحى برنامجه “البرنامج” ترمومتر تقاس من خلاله حرية الكلمة والنقد في مصر ما بعد الثورة.
تداعيات اعتقاله لم تكن محلية بامتياز بل إنها امتدت وتضخمت حتى شكلت أزمة سياسية بين الولايات المتحدة الأمريكية ومصر حيث أطلت المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الأمريكية فكتوريا نولاند منتقدة ما وصفته “بالموجة المزعجة” من تزايد القيود على حرية التعبير في مصر كما لمحت إلى “انتقائية” السلطات المصرية، لأنها تحقق في قضايا كالتي استُدعي فيها باسم يوسف وناشطون متهمون بالتحريض على العنف، وتتباطأ في حالات أخرى مثل تعامل الشرطة مؤخرا “بوحشية” مع متظاهرين أمام قصر الاتحادية الرئاسي في ضاحية مصر الجديدة.
بعيدا عن الحديث عن التدخل السافر من قبل الولايات المتحدة في الشؤون المصرية الداخلية والتي هي كلمة حق يراد بها باطل، سأتحدث عن سياسة الكيل بمكيالين والتناقضات الصارخة التي تعيشها أمريكا في ما يتعلق في التعبير عن الرأي، فمن يستمع إلى تصريحات الخارجية الأمريكية يشعر بأن أمريكا تحاول لعب دور حارس الديمقراطية والحريات في العالم، دون أن يدرك البعض أن في أمريكا نفسها هناك قضايا محرم الحديث عنها وحدود يمنع تجاوزها وجدران سميكة يحرم على أي صحفي اختراقها مهما كان تاريخه ومكانته في بلاط صاحبة الجلالة.. أهمها عدم شرعية دولة إسرائيل.
وقد ذاقت سابقا الصحفية الأمريكية المخضرمة والتي تلقب بعميدة مراسلي البيت الأبيض هيلين توماس ذات الأصول العربية مرّ تناقض وانتقائية حرية التعبير الأمريكية، حينما قدمت استقالتها على إثر تصريح قالت فيه عن دولة إسرائيل: “هؤلاء الناس محتلون وعليهم أن يرجعوا من حيث أتوا من ألمانيا أو بولندا” أثيرت بعدها موجة احتجاجات غاضبة عمت برامج سياسية واجتماعية وصفت توماس بالعنصرية والتعصب ومعاداة السامية، كما صرح المتحدث باسم البيت الأبيض بأن تصريحات هيلين “عدائية وغير مسؤولة، وتستدعي التوبيخ” كما طالبها بالاعتذار.. فأين هي الحرية الكلمة والرأي التي تدعي أمريكا أنها مكفولة للجميع؟؟
هذه الواقعة نموذج لازدواج المعايير والتعامل الغربي مع القضايا العربية، فمبدأ الحرية الشخصية مطلق ومصان إذا كان متصلا بالهجوم على المعتقدات الدينية الإسلامية والسخرية منها، أما إذا ما تعلق الأمر بإسرائيل فتأخذ الأحداث منحى آخر كالذي تم مع السيدة توماس وهى إجراءات لو فعلناها سيطلق علينا أوصاف مثل المتعصبين والعنصريين وغيرها.
لست أدافع عن ما فعلته النيابة العامة ضد باسم يوسف وذلك لأني صحفية أحترم الكلمة الشريفة وأقدس حرية التعبير التي لا تسيء لعرق و دين، ولكني ضد سياسة أمريكا باللعب على الحبلين والكيل بمكيالين والتي قد يغفل عنها الكثيرون.
نبض الضمير: “الحرية أثمن ما في الوجود، لذلك فإن ثمنها باهظ جدا”.
Twitter:@lubnaalkhamis