هناك هجوم دائم من رئيس اللجنة الوطنية للنقل البري بغرفة التجارة والصناعة على وزارة النقل. وقد يكون هذا مقبولا من أجل إيجاد التوازن بين قوة السلطة التنفيذية وبين الشارع، على افتراض أن اللجنة تمثل وجهة نظر الشارع. لكن الذي يظهر أن اللجنة تمثل مصالحها الخاصة على حساب الوطن والمواطن كما هو واضح من رد معالي وزير النقل على مقال الأستاذ محمد آل الشيخ في الجزيرة. والذي حمل الوزير مسئولية وضع تخلف نظام سيارات الأجرة بناء على تصريحات رسمية لرئيس اللجنة الوطنية للنقل البري بغرفة التجارة الأستاذ محمد النفيعي.
وببحث سريع في الإنترنت ستجد سيلا من الاتهامات الموجهة من النفيعي إلى الوزارة في تردي أوضاع سيارات الأجرة. وستجد كذلك مطالباته بضبط التراخيص والتشديد على غير المرخص لهم. كما تجد دعواته إلى وضع أنظمة مطورة لسيارات الأجرة. وجاء رد الوزير ليوضح ما وراء رئيس اللجنة الوطنية. فالمسألة هي مجرد ضغط من اللجنة لخلق احتكارية لمالكي شركات سيارات الأجرة بتسليط وزارة النقل على المواطن لتمنعه من اكتساب رزق شريف، فالتاكسي رزق من لا رزق له من المواطنين وملجأ المطرود والعاطل عن العمل. وقد وصلت إلى هذه النتيجة الظنية من رد الوزير شخصيا على مقال آل الشيخ، والذي جاء صريحا ومليئا بالمرارة والذي أقتبس منه هنا «أما فيما يتعلَّق بتصريح رئيس اللجنة الوطنية للنقل البري فالحقيقة أن هذا التصريح مؤسف ومستغرب في نفس الوقت ولا نعتقد أنه يعكس رأي جميع أعضاء اللجنة. وقد تم الرد عليه في عدة مناسبات ولا أريد أن أكرر ما ذكر سابقاً فقط أريد أن أشير إلى أن سوء سيارات الأجرة ناجم في الأساس من ملاَّك هذه المؤسسات، هم الذين يسلّمون سياراتهم لمقيمين (ربما بعضهم من المتخلفين) مع أن لائحة الأجرة العامة تمنع ذلك، وهم الذين يطلبون من هؤلاء السائقين مبالغ مقطوعة في اليوم مع أن اللائحة لا تجيز ذلك، وهم الذين لا يتابعون نظافة سياراتهم، همهم هو الحصول على المبلغ اليومي فقط. ونحن هنا نسأل أين رئيس اللجنة الوطنية للنقل البري وهو أحد ملاَّك هذه السيارات عن هذا الوضع؟ ولماذا لا يصلح أوضاع مؤسسته إذا كان يريد الإصلاح بالفعل؟ كذلك أشير إلى أن وزارة النقل أعدت لائحة متطورة لسيارات الأجرة تعمل بنظام التتبع ومحظور عليها الدوران في الشوارع وبمواصفات عالية عُرضت على موقع الوزارة لإبداء الملاحظات عليها ووافقت عليها وزارة الداخلية ووضعت موضع التنفيذ ويشكل العمل بهذه اللائحة نقلة نوعية لسيارات الأجرة. والغريب أن من حارب هذه اللائحة ولا يزال هو رئيس اللجنة الوطنية الذي يدّعي التطوير حتى وصل به الأمر إلى شكوى الوزارة لدى ديوان المظالم لمنع العمل بهذه اللائحة مع أنها اختيارية لمن يرغب الاستثمار في إطارها».
وهذا الرد مع ردود الوزارة الأخرى أمام هجوم اللجنة الوطنية للنقل وكونهم من مالكي شركات سيارات الأجرة مع معرفتنا بالوضع التعيس للتاكسي عندنا وتسلط الأجهزة الرقابية على المواطن الذي يكد على سيارة من أجل رزق شريف وتغاضيها عن شركات التاكسي، يحكي مثال على تعثر كثير من المبادرات التنظيمية التي تدخل في صراع بين أصحاب المصالح الخاصة وبين الجهات التنفيذية والتي تنتهي عادة ببقاء الحال على ما هو عليه من الفوضى والتي يكون ضحيتها المواطن البسيط، فالمواطن البسيط لا ممثل له في الغرفة التجارية ولا في غيرها ليُسمع صوته الوزير.
نشكر الوزير شكرا صادقا على هذا الرد الصريح وإن كنا نأمل أن يلحق الرد بالصرامة في تطبيق جهود الوزارة على الشركات التي يمثلها رئيس لجنة النقل الوطنية، ويترك لين الجانب ومساحة التغاضي للمواطن الذي يكد على سيارة والذي لا مُمثل له ليُسمع صوته، مع وضع نظام مرن خاص لهم من أجل الأمن والنظام، فالأفراد لا يُضيق عليهم فالتاكسي متنفس رزق لمن ضاقت عليه السبل من المواطنين ويشغل فراغه ويقلل البطالة ويمنع كثيرا من الشرور.
hamzaalsalem@gmail.comتويتر@hamzaalsalem