كنا صغاراً، ولم تكن دائرة عقولنا مفرغة ولا مغلقة، وكنا نقرأ قصصاً، كانت تزرع في أودية مشاعرنا قيماً، ولو بدت روائية خيالية وحالمة..
ولكنها كانت تلامس سقف أرواحنا وأطراف مشاعرنا وجوانب أفكارنا..
تذهب معنا وتبيت وتلج..
فكان لا بد أن تترجم هذه الحكايات واقعاً، ولو كانت ترجمة مجاز.
تقول لي إحدى الصديقات وهي تفوقني سناً وتجربة: لم تكن البنات على هذه الشاكلة..
تشير لداء الخفة، ولا تستغربوا إن أسميته كذلك؛ فهو داء، وأي داء؟
أضافت: ليست ثقافة النهوض والاطلاع والتحضر هي التي غيّرت دفة هذه المجتمعات؛ فاستؤصلت بها الكثير من القيم، لكنها ثقافة الواقع المعتل..!
سنقف قليلاً مع الواقع، فروايات هذا الوقت لا توجد بها سبعة أبحر من ورائها فتاة تحلم بالرجل الذي وصفه القرآن بلسان المرأة {قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين}، ولا مصباح يخرج منه عفريت أحلامنا وأمنياتنا..
ولا خصب ذلك الخيال الداني على ظل أحاسيسنا الخضراء..
واقعنا بات واقعاً يعد دنانيره كما تعد عقارب الساعة آحادها..
واقعاً يملي عليك إذا أردت أن تخطو خطوة أن تبدأها بواحد واثنين وثلاثة..
فهذه طريقة عملية حسابية عاقلة متعقلة متزنة واقعية.. كفى
إذن هو واقع الآلة ومشاعر الآلة، ولو كان مصيرها غير ذلك «لصدئ»..
ليست تلك جملة اعتراضية على كل حال.
كنت أشاهد في إحدى القنوات لقاء على الطائر مع بضعة فتية بإحدى الدول العربية، لم يتجاوز كبيرهم العشرين، كانوا يتحدثون عن الزواج العرفي، وعن الصداقات مع الجنس الناعم..!
وعن أمور كنا ونحن صغار وإلى أن كبرنا نخجل من ذكرها..
خروج مقصود..
رأيت بيدها خاتم ألماس ثمنه يشبع ما لا أثق في حسبته من الجياع..
ليس هذا غريباً، ولكن المقصود أنها كانت تتحدث عن الجياع!
في أمان الله.