جاء الإسلام الحنيف على يد سيدنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم بالوسطية وبالحنيفية السمحة قال الله تعالى ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) سورة البقرة الآية (143).
وجاء في السنة الشريفة {إِنِّي بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ } رواه أحمد والوسطية في اللغة تعني وسط الشئ أي بين طرفية وفي الاصطلاح تعني العدل والخيرية والاستقامة فالوسطية إذاً تمثل الاعتدال والتوازن والبعد عن التشدد وهي تنطبق على الإسلام الذي جاء به نبي الرحمة ورسول الإنسانية قبل أن تشوبه الشوائب وتلحق به الزوائد والبدع وتكدر صفاءه الخلافات، ولهذا السبب وصف المسلمون بأنهم خير الأمم نتيجة التوازن بين الإفراط والتفريط كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ سورة آل عمران الآية (110).
فإذا خرجت الأمة عن الوسطية وأخذت بأحد جانبيها الإفراط أو التفريط فإن ذلك يؤدي إلى ضعفها بل إلى نهايتها، فالمتطرف في الدين متزمت يوجب على الناس ما ليس بواجب، ويحرم عليهم ما ليس حراماً وقد يكفر بعض المسلمين فيستحل دماءهم وأموالهم ودليل تحريم الإفراط أو التفريط قول المولى عز وجل فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ سورة هود الآية (112).
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (إيّاكُم والغُلُوَّ في الدِّينِ فإنَّما أهلَكَ مَنْ كانَ قبلَكُم الغُلُوُّ في الدّين) رواة الحاكم.
ويرتبط بالوسطية مفهوم التسامح ويعني في اللغة سهولة التعامل والتسامح من سمات الدين الإسلامي فكثيراً ما نسمع عن الإسلام بأنه العقيدة السمحة والدين السمح.
والوسطية يقابلها التطرف، وهو مجاوزة حد الاعتدال والبعد عن الوسطية ويعني في الاصطلاح التشدد وتجاوز الحد في الدين ويرتبط به مفهوم الغلو ويعني الزيادة والارتفاع ومجاوزة الحد في القول والعمل والاعتقاد وهو أمر مذموم مصداقاً لقولة تعالى قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ الآية 77 من سورة المائدة.
فالمطلوب من المسلم إذاً طاعة الله وتنفيذ أوامره في حدود الطاقة والإمكان، وأن يترك ما نهى الله عنه على وجه الاجمال فذلك هو الوسطية والاعتدال بين الإفراط والتفريط، والقرآن الكريم يحث على الاعتدال (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ....... ربنا ولا تحملنا ما لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} الأية 286 من سورة البقرة، كما يؤكد القرآن على مبدأ التيسير {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا الآيتان (5.6) من سورة الشرح.
كما أن مدارس الفقه الإسلامي أكدت في قواعد فقهية عديدة على روح التيسير والسماحة ومن هذه القواعد (لا ضرر ولا ضرار) (والضرورات تبيح المحظورات).
وقد وصل التيسير والتسامح في الإسلام إلى التكاليف الشرعية نفسها، فهذه التكاليف تقوم على اليسر ورفع الحرج عن الناس بدليل الرخص التي شرعها الله سبحانه وتعالى لتخفيف المشقة عنهم أثناء قيامهم بالعزائم التي شرعها المولى عز وجل كرخصة التيمم ورخصة الجمع والقصر في الصلاة وإباحة الفطر في شهر رمضان المبارك بسبب المرض أو السفر ونحو ذلك.
وفق الله الجميع لما يحبة ويرضاه.
asunaidi@mcs.gov.saAlsenedy-abdulla@hotmail.com - HOTMAIL-senedy_100@hotmail