يعجز اللسان ويتقاصر البيان عن ذكر محاسن أبي حامد الشيخ/ عبدالله بن حامد الحامد الشاكر لربه والحامد، نشأ في بيت طاعة وعلم، واستقام عوده في بيئة صلاح وصفاء، فلا عجب أن يحبه الصغير قبل الكبير، فهو من حفظ لسانه وكف أذاه وأعان من أتاه تقرباً لله.
قد لا أحيط بسيرته من صباه إلى أن توفاه الله، لكن منذ أن عقلت لم أعلم عنه إلا خيراً ولم أسمع منه إلا براً وجالسته فإذا أخلاقه أبية ونفسه زكية محباً للخير مؤثراً للغير. ترى فيه سمت العلماء وإدراك العقلاء ونبل العظماء، كلماته تحسب وكفى بذلك وحسب.
إن تحدث فحديثه البر وإن سكت سبح واستغفر وإذا ودع دعا وكرر. أذن وأم في مسجد من طين، عمّره بالذكر واليقين فكأني أنظر إليه غادياً إليه ورائحاً، وربما ذهب إليه راجلاً بقدميه، كتب الله أثاره وأعلى في الجنة داره وهو مع هذا كبير السن إلا في أمور الطاعة.
ثم تحول لمسجد في الحي الجديد فتوقف عن الإمامة واستمر بالأذان بضع سنين حتى نزل به بلاء الصالحين (أحسبه منهم والله حسيبه) وفي الأثر خبر من خير البشر أن المحبة بالابتلاء مقرونة وعلى قدر الدين يعظم البلاء فمكث في مرضه بضعة أشهر وأنا أزوره المرة تلو المرة، فوالله ما اشتكى من أوجاعه ولا تحدث عن آلامه مع أنها ظاهرة على محياه، بل تجده يفاتحك بخاصتك ويسأل عن حالك وما آل إليه أمرك وكأنه من الآلام سالم، لكن لا عجب إنه الإيمان الذي تعجب منه خير الأنام عليه السلام (وإذا ابتلي صبر)، ولعلمه التام لأن المخلوق لا يد له بالذي نزل به ففوض أمره لربه وأعمل لسانه وقلبه بذكره، وقد اشتدت آلامه وعظم ابتلاؤه حتى أدخل المستشفى، ولكنها كانت الأخيرة حيث إنه لم يخرج منها إلا مودعاً للدنيا، تاركاً وراءه ألسنة بالدعاء له متضرعة، وأبناء لأبيهم بررة، واشتكى محرابه وقلبه أهله وأحبابه،
وقد آلمني الخبر واشتد أسفي ولكن عزائي الوحيد أنه مقبل على رب كريم، فاللهم ارحمه واجعل نزله الفردوس يا أرحم الراحمين.
عبدالفتاح الدهلاوي - كاتب عدل محافظة ضرماء