هذا الكتاب هو محاضرة لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد في رحاب الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة. وكنت واحداً ممن دُعي لحضور هذا اللقاء. وقد عُرف الأمير سلمان بثقافته، فهو المؤرخ الحصيف وصاحب الذاكرة التاريخية والداعم بفكره وعمله الباحثين والمؤرخين والرواد في دراسات تاريخ بلادنا والجزيرة العربية من خلال جوائز خاصة يتسابق في مضمارها الباحثون لخدمة الدراسات التاريخية.

ومن المعروف أن سموه محب للتاريخ ومتميز في قراءته له وخاصة ما يتعلق بتاريخ الجزيرة العربية بشكل عام وتاريخ المملكة بشكل خاص، لمتابعته المستمرة لما يصدر من مستجدات الأبحاث العلمية والتاريخية. ومعاشر المؤرخين يعرفون لسموه التشجيع والنهوض بالدراسات التاريخية، كما أنه مرجع في تاريخ الدولة السعودية ونشأتها وفي أدوارها الثلاثة بعدما تقابل الإمامان محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب عام 1157هـ، فصارت هذه البيعة ركناً من أركان الدولة في أدوارها، وهي ركيزة التقى حولها الجميع من حاضرة وبادية، وقد استمرت رافعة لواء التوحيد والعقيدة الصافية السليمة. ولقد استهل سموه المحاضرة قائلاً: لقد أكرم الله المملكة العربية السعودية بأن تتشرف بوجود مكة المكرمة وفيها أول بيت وضع للناس ومهدي أفئدة المسلمين وقبلتهم التي يتجهون إليها في صلواتهم ودعائهم، وفيها مسجد نبيه الذي ختم الله به رسالاته. وهذه البلاد منطلق الإسلام والعروبة معاً، فقد أنزل الله في هذه الأرض العربية القرآن الكريم بلغة عربية وعلى نبي عربي عليه الصلاة والسلام، ولهذا بنيت هذه البلاد على الدين الإسلامي وخدمة المسلمين. وقد أشار سموه إلى تاريخ المدينة المنورة حيث صارت موطناً لنشر رسالة الإسلام. وأشار سموه إلى هذه الدولة التي قامت على أساس الدين، فكان لذلك أثر كبير من حيث الاستقرار والأمن والأزدهار. وأشار سموه إلى خطب الملك عبدالعزيز التي جاءت في جريدة أم القرى وما تحدث به في مواسم الحج منذ يسر الله له دخول مكة، وما تحقق على يديه منذ ذلك التاريخ من إعمار بيت الله الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وما تم في المشاعر من أعمال وما أنفق بسخاء على شتى مرافق الحرمين الشريفين. كما تضمنت المحاضرة حديثاً عن نشأة الدولة السعودية وجذورها العميقة، وعن الإمام تركي بن عبدالله والملك عبدالعزيز ودوره التاريخي وشجاعته وحسن سياسته في ضم البلاد لبعضها. وتأسست المملكة العربية السعودية وما قامت عليه من نصرة للعقيدة وتصحيح المفاهيم حول الوهابية، مستشهداً بصحيفة أم القرى وخطب الملك عبدالعزيز التي ينفي فيها أقوال الخصوم وتصحيح المفاهيم، وأن هذه الدولة قامت على كتاب الله وسنة رسوله الأمين ومنهج السلف والسير على ما رسمه المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله.