Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 04/04/2013 Issue 14798 14798 الخميس 23 جمادى الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

- بعض العادات، أو السلوك البشري المستهجن تعتقد أحيانا ـ ومن باب إحسان الظن بالناس ـ بزوالها، أو اعتدال الناس فيها، وبخاصة في المجتمعات الإسلامية التي أطّر الدين سلوك أتباعها، وهذّب من طباعهم على صورة لم يكن عليها أي من الأمم السابقة. وكلما ازداد احتكاك المجتمعات ببعضها، وانتشر العلم، وشاع بين الناس، وكثر المتنورون بنوره يزداد يقينك باضمحلال بعض العادات والقيم غير السويّة.

- في أكثر من منهل تعليمي، وفي أكثر من مرحلة دراسية، ربما بحكم التخصص، كان الأساتذة الأجلاء يستدعون بعض عادات المجتمع، للتعليق عليها، أو لتبيين أثر الإسلام، بسماحته وهديه على المجتمع العربي، يتناولون بشيء من الازدراء والسخرية والتهكم هذا السلوك الذي يترجمه قول هذا الشاعر العربي:

قومٌ إذا الشرّ أبدى ناجذيه لهم

طاروا إليه زرافاتٍ ووحدانا

لا يسألون أخاهم حين يندبهم

في النائبات على ما قال برهانا

في النائبات، أو الشائعات يستقيم البيت في عروضه، ودلالته في المعنى والمغزى هي ذات الدلالة . لكن يبدو، وعلى الرغم من مضي خمسة عشر قرنا على هذا البيت الشارد، أو السلوك الذي كان طابع البشر أن سلوك الإنسان، وبالذات العربي لم يتغير ممارسة، ويبدو كذلك أن الموروث الثقافي الممقوت سيبقى معنا نوظفه متى شئنا، وعلى أي صورة نريد ! اتفق مع القيم الدينية، أو اختلف لا يهم كثيرا .هذه هو الحال، وإن لبسنا لبوس التقوى، وتدثّرنا بالحكمة.

- قد يكون في العصر الجاهلي، وفي بيئة متطاحنة، يسودها التشاحن، وتعمرها الفتن والقلاقل، قد تكون ردة الفعل السريعة الطائشة، أو الانتصار للقبيلة، أو غيرها من نوازع التعصب شرٌّ لابد منه، ولا مجال للتأني، أو التروي، أو التفكير، أو الحلم الذي يعدّ شيمة من الشيم العظيمة للعربي. والنوائب بلا شك وقعها على العربي آنذاك كبير ومؤلم، وهي نتاج سلب، أو قتل، أو انتهاك لشرف، أو اعتداء على مورد، أو مرعى. أما الآن، فلا أدري في الحقيقة، ما المسوغ لمثل ذلك السلوك؟ وكم كان الإنسان يتمنى أن تكون ذلك التجاوب المنفعل، في سبيل نجدة الملهوف، أو نصرة مظلوم، أو أي لون من ألوان الإغاثة التي ندبنا الإسلام إليها. هنا مجال التمايز، وهنا مجال التنافس، وهنا مجال السباق المحمود.

- أرجو أن أكون مخطئا إذا قلت إن المجتمع الحاضر لا يقل في انسياقه، أو تفاعله الأعمى، أو تصديقه للشائعات لا يقل عن سلوك المجتمع الجاهلي، بل إننا أمسينا، ولعوامل كثيرة أكثر قابلية للاستفزاز والابتزاز، فرحابة الصدر عند الجاهلي فطرية ربما اتسعت باتساع الصحراء ورحابتها من حوله، أما نحن، وفي العهد المدني بكل ما تحمله الكلمة من معنى فأخلاقنا أقل مما يبتغى. لم تعد تستفزنا النوائب وحسب، بل توافه الأمور، وسفاسفها، ولا ندرك أننا بهذا الصنيع نؤلب على أنفسنا، ونتآمر على ذواتنا، ونخادع أنفسنا، ونجرها إلى الهوان. حتى، ولو ادعينا الوقار، وتمظهرنا بالدين، نحن أمام ازدواجية في السلوك، انعكس أثره السلبي على أبنائنا، على علاقتنا بغيرنا.

- مواقع التواصل الاجتماعي، وهذه التقنية سهلت عليه ممارسة الغيبة والنميمة، والاتهام والهمز واللمز، لا من السذج، ولا من الأحداث، ولا من المراهقين فحسب، بل امتدت، لتشمل أولي العلم والنهى. فالكلمة نطلقها غير موزونة، ولا نعي أبعادها علينا قبل الآخرين.

- كلمة الإنسان التي يدلي بها للآخرين أمانة، ونقلها وإشاعتها للآخرين من غير تثبت مزلق خطير، ومرتع وخيم، لم يعد أثره على الشخص فحسب، بل أدى إلى اضطراب كبير في المجتمع، وأضرّ بلحمته وسداه، وأسهم في قلقه وتوتره، وتباعده وتنافره.

- بكل أسف خمسة عشر قرنا، ونحن نعيش في كنف الشريعة، وفي ظلال القرآن، وهدي السنة النبوية، ومع ذلك، أخلاقنا، وقيمنا، وعاداتنا، وسلوكنا لم يتغير ذلك التغير الذي ندّعيه، أو نتقوّله، أو نحاول تصديره.

الحقيقة التي لم أصل إليها، ولم يصل اليها غيري فيما أظن تكمن في هذا السؤال، أي المجتمعات، وأيّ الشعوب أكثر قابلية ورواجا لمثل هذا السلوك غير الحضاري؟

dr_alawees@hotmail.com

أوتار
في النائبات
د.موسى بن عيسى العويس

د.موسى بن عيسى العويس

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة