* إسناد خادم الحرمين الشريفين مهمة تنفيذ البنية التحتية لمدينة جازان الاقتصادية إلى شركة أرامكو كما فعل مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية حلٌّ لمشكلة تواجهها الجهات الحكومية منذ الطفرة الأولى في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، ممثلاً في عجز الإدارات الهندسية لديها في إنجاز مشاريعها في وقتها. واليوم، وبعد قرابة أربعين عاماً، ما زالت مشكلة تأخُّر إنجاز المشاريع قائمة دون حل.. حتى صارت سمة عامة تهدد التنمية!
* في عام (1985م) التحقتُ ببرنامج تدريبي في معهد الإدارة العامة مخصص لموظفي الحكومة، ويعد من متطلبات الترقية الوظيفية.. وبحكم طبيعة العمل كانت الدورة في مجال إدارة المشاريع.. كان أستاذ المادة هو المدير العام لإدارة المشاريع بوزارة المعارف آنذاك.. وهو رجل ذو سمعة قوية.. اشتهر بالدقة والحرص والنزاهة والشدة في تطبيق المواصفات والعقود.. ولا تأخذه فيمن يخطئ أو يقصِّر أو يعجز لومة لائم.. حتى صار يسمى بين العاملين في القطاعات الهندسية بجزار المقاولين.. ومع هذا انتهت الطفرة الأولى وثمانون في المائة من مدارس البنين مستأجَرة!
* رغم أن نظام المشتريات الحكومي في قطاع الإنشاءات يعتبر أكثر اكتمالاً من أنظمة الشراء الحكومية الأخرى.. حيث خدمته الطفرة الإنشائية في السبعينيات الميلادية، وساعدت على كتابة شروط مشتريات إنشائية أفضل من نواحي الكميات والمواصفات الفنية، وهو ما لم يتوافر لأنظمة المشتريات في بقية قطاعات التنمية.. ومع هذا فإن نسبة إنجاز المشاريع في موعدها حتى اليوم نسبة ضئيلة بشكل أخل بالتنمية.
* المطلع على العقود الحكومية مثلاً سوف يجد أنها عقود وضعها قانونيون غَلَّبوا هدف حماية أموال الدولة على غاية إنجاز المشاريع.. ولأن الطرف الثاني ليس له من يمثله فقد جاروا عليه مدعومين بفارق الوزن الهائل بين الدولة والمقاول.. فتحولت روح التعاقد من صيغة التعاون والتكامل، الكل فيها رابح، إلى عقود إذعان، يخسر فيها الطرفان.
* أخيراً.. التنمية تحتاج إلى طرفين يعملان بنجاح.. من خلال التكامل والثقة في أن كليهما رابح.. وحيث إن الدولة هي المشتري الأكبر في السوق السعودية فيجب أن تلتفت إلى صيغ عقود الشراء وشروطها.. فكثير من المهن والخدمات يتم وأدها في مهدها نتيجة تلك العقود التي لا تعني للخدمة شيئاً.