الكثير من الناس يخشون ركوب الطائرات. هذا الخوف ليس شيئاً مستغرباً، فالكثير مرت عليه مشاهد سقوط الطائرات في الأفلام مثلاً إثْرَ فشل أحد المحركات، ورأى الهلع فيها والاضطراب، يرى الناس يصرخون ويبكون والطائرة تتخبط في الجو، الطيار يحاول جاهداً أن يتحكم بالطائرة وسط الذعر والصياح ويفشل، فتهوي الطائرة بسرعة وتتحطم على الأرض في انفجار مريع ينتهي بمقتل كل من عليها.
أتمنى أن هذه الصورة التي وصفتُها لم تُخِف القارئ الكريم أكثر، خاصة إذا كنتَ ممن يتهيّب الطيران! ذلك أن هذه الصورة مبالغ فيها كما تفعل الأفلام دائماً، فأولاً لو افترضنا أن أحد محركات الطائرة تعطل فلن يتسبب هذا في سقوط الطائرة، فالطائرات اليوم تستطيع أن «تتزحلق» في الهواء حتى لو فشل أحد المحركات، فتُحلِّق معتمدة على زخمها في عملية شبيهة بالطيران الشراعي، بل حتى لو تعطلت كل محركات الطائرة فجأة –وهو شيء شبه مستحيل– فهي لن تسقط وستكمل طيرانها كأن شيئاً لم يحصل. وحتى لو لا قدّر الله حصل شيء ما فيجب أن تعلم أن حوادث الطيران نادرة. قد تقول: إذاً ما قصة هذه الحوادث التي أقرأها في الأخبار عن طائرة سقطت هنا أو طائرة تحطمت هناك؟ وأقول: هذا من أكبر الأدلة على ندرتها، فحوادث سقوط الطائرات قليلة حتى أنها إذا حصلت فهي تظهر في الأخبار فوراً! قارن هذا مع حوادث السيارات التي تحدث بمئات الآلاف يومياً حول العالم ولا تكاد تظهر في الأخبار بسبب كثرتها وتعود الناس عليها. إذا أردنا أن نقارن رقمياً بينهما فسنجد بَوناً شاسعاً في الإحصائيات، فاحتمال وفاة الإنسان في حادث سيارة هي 1 من 5000 وتزيد النسبة أكثر من هذا بكثير في بلدنا بسبب التهور وعدم ربط الحزام وإهمال القوانين المرورية، أما احتمالات أن يموت الإنسان في حادث تحطم طائرة فهي 1 من 11 مليون، ويعني هذا أن احتمالات الحوادث أعلى بكثير وأنت تقود سيارتك متجهاً للمطار، أما إذا ركبت الطائرة صار وضعك أفضل بإذن الله.
طيب، ماذا لو كنتَ ممن يحصل حادث لطائرته؟ ستتعجب من الإحصائية التالية، فرغم أننا تعودنا اعتقاد أن حوادث الطائرات دائماً قاتلة ولا ينجو منها إلا القليل فإن العكس هو الصحيح، فأكثر من 95% من الناس الذين كانوا على طائرات حصلت لها حوادث ينجون! أليس هذا رقماً مدهشاً؟ يكاد هذا الرقم لا يُصدَّق ولكن هذه هي الإحصائية التي نشرتها مؤسسة ديسكفري العلمية، وليس هذا فقط بل إنه حتى في الحوادث الكبيرة فإن أكثر من 76% من الراكبين ينجون. إلا أن أكثر الناس ينظرون فقط للحوادث النادرة جداً وينسون أن هناك قرابة 100 ألف رحلة جوية تُقلِع وتهبط كل يوم حول العالم لا يمسّها بأس.
وإذا أردت أن تأخذ بالأسباب وتزيد فُرص نجاتك فيما لو حصل حادث للطائرة فاحرص أن تجلس قريباً من مخارج الطوارئ في الطائرة، فأكثر الناجين هم الذين بينهم وبين المخارج أقل من 5 صفوف من المقاعد، وكذلك اعرِف متى تكون مستعداً، لأن أكثر من أربعة أخماس حوادث الطائرات تحدث إما في أول 3 دقائق من الإقلاع أو في آخر 8 دقائق من الهبوط، ففي تلك الأوقات توكّل على الله واقرأ أذكار التحصين وأدعية الحِفظ التي أتت في حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكن منتبهاً، وتابع تعليمات الطاقم، ولا تلبس سماعات الأذن، ولا تَنَم، إلى أن يكتمل الإقلاع. حفظكم الله.
Twitter: @i_alammar