من أهم دعائم استتباب الأمن بناء قوة عوامل الاستقرار المجتمعي, حيث توفِّر بتوفرها أجواء الصحة النفسية العامة لكل فئات المجتمع. وفي بلد تمثل فيه فئة الإناث ما يزيد عن50% من عدد السكان، و فئة الشباب المواطنين من الجنسين تحت سن الثلاثين ما يربو على الـ70%من عدد المواطنين وفئة المستقدمين للعمل 35% من عدد السكان؛ لابد أن تؤخذ هذه الحقائق الإحصائية بكل تداخلاتها بعين الجد في دراسة الأوضاع .
بأي مجتمع كان, في حالات الشعور بالقلقلة الاجتماعية، ينظر الدارسون إلى العوامل المساعدة من مصادر متعددة, يزيد وجودها تقلص مساحة الصحة النفسية, أو تأجيج الشعور العام أو الفئوي بعدم الرضى. منها:
1-تقلص فرص النجاح المادي وتحقيق الذات في انشغال مهني أو وظيفي, و2- تصاعد الشعور بالفراغ خاصة في تقلص فرص العمل الوظيفي, وانعدام سبل الترفيه المرضي للميول, و3- تنامي الشعور بالتأسي للذات عند مقارنة الفئة أوضاعها بأوضاع أمثالها في مجتمعات أخرى.
صانعو القرار في الجهات الرسمية يعون خطورة هذه الأعراض, كما يدركون تعقيدات الوصول إلى حلول تعالج كل الظواهر التي يعلن المجتمع أو بعض فئاته تململهم منها.
الحمد لله أن قيادتنا اليوم واضحة الرؤية والتوجه في ما يتعلق بمعالجة مصادر الشكوى والتململ. و إغلاق أبواب «حل المشكلة عشوائيا» لأنها تسبب في النهاية المزيد من النتائج السلبية؛ كما هو الحال في لجوء الشباب إلى ممارسة التفحيط, والسلب و العدوانية, والتأثر بنداءات وشعارات تسعى بها جهات خارجية وداخلية لإضعاف الشعور بالمواطنة والاستقطاب لتجمعات تسيرها توجهات سلبية هدامة, و هروب الفتيات.
عدا الشعور بالعجز المادي والغبن في أجواء تدفق العمالة المستقدمة لخدمة طموحات الفئة القادرة ماديا, فإن ما يعانيه الشباب من الفراغ الثقافي وانعدام الترفيه, يزيد الشعور بالتوتر والتململ في كل الفئات. ولذلك لابد من النظر بجدية إلى توفير هذا الجانب خارج قصور ما هو موجود في الساحة حاليا الذي يفتقد مصادر الترفيه الكافية للاستغناء عن ما توفره التنظيمات المشبوهة.
من الضروري تشجيع العمل التطوعي, ومجالات بناء المهارات الفردية والهوايات, وتوفير المواقع والخدمات الرسمية المؤازرة لهذا التوجه المركز على إشباع رغبة الفرد في الحصول على التفات المتابعين وتقديرهم لتفوقه في مجال تميزه, مع إبقائها مشبٍعة عبر السبل الإيجابية البانية, وليس الهدامة الضارة بالفرد والمجتمع. وهذا ينطبق على الجنسين.
رعاية الشباب لم تبخل في توفير الخدمات التأهيلية وحتى الثقافية والترفيهية للجانب الرجالي, منذ اتخذ قرار تأسيس المدن الرياضية التي أتاحت للشباب مواقع للتدريب وممارسة الرياضة البدنية في ظروف صحية سليمة. وبقي الجانب النسائي محروما يفتقر إلى هذه الخدمات الحيوية.
في زيارة سابقة لي لإمارة الشارقة بدعوة رسمية للمشاركة في أحد النشاطات النسائية الخليجية, إستضافونا بمقر «أندية الفتيات بالشارقة». أعجبني الحل الرسمي الذي نُفذ هناك بنجاح لخدمة الجانب النسائي ببناء موقع شاسع المساحة, ومنظم لتوفير احتياجهن. حيث أسس مقر «أندية الفتيات» على مستوى عال مصمما لتقديم كافة احتياجات الفتيات للنشاط الثقافي والرياضي والصحي والترفيهي في موقع يحتوي كل الصالات والمنشآت, محمي لا يسمح بدخوله لغير العضوات والعاملات والإداريات النساء. واختير للمقر موقع جميل يطل على شاطئ الخليج, مضيفا متعة الطبيعة إلى الميزات الأخرى.
وقد يكون هذا حلا ممكنا في مدننا الكبيرة في فترة لاحقة بعد دراسة ما يمكن أن تقدمه «الرعاية» للشابات.