لم يكن المهرجان الوطني للتراث والثقافة وحيداً في العالم، ولكنه كان فريداً في أهدافه وغاياته؛ لأنه لم يؤسس على رفع شعارات معينة أو تطبيل لزعيم أو الانحياز لبلد دون آخر، ولم يؤسس على العزف بأوتار سياسية هدفها الإثارة وزرع المشاكل بين حليف
وعدو، بل إن هذا المهرجان الذي انطلقت فعالياته للمرة الأولى عام 1985م وجد ليكون منبراً للحوار المباشر الذي تغلفه المحبة بين المثقفين العرب في زمن عز فيه تلاقيهم.
وجد المهرجان ليتبادل المشاركون فيه الرؤى والخبرات في مجالات كثيرة تهم الإنسان العربي للمحافظة على قيمه وآدابه وتراثه من خلال لغة مشتركة تمثل لغة العقل والحوار الهادف بين أكبر عدد من أبناء الأمة العربية، وتعدى ذلك ليشمل مشاركات عالمية.
المهرجان بحضوره وتألقه يصور للعالم أجمع حضارة هذه البلاد وتراثها وأمجادها وتاريخها العريق؛ لأنه يدرك أهمية هذه القيمة لدى الأمم التي تعتز بأعمال كل المبدعين قديماً وحديثاً، ولأنه ينطلق من الأرض التي ساهم أهلها، ومنذ أقدم العصور، بتطور وتقدم الحضارة الإنسانية.
لقد تقدم أخذ المهرجان على عاتقه، وبتوجيهات الملك المفدى رفض كل الشعارات التي تدعو إلى تفريق الصف العربي، ورفض كل ما من شأنه النيل من كرامة المسلم ومكانة الإسلام. إنه بحق مظهر حضاري يفوق التصورات، وإنه جهدٌ لا يضاهى فشكراً لكل من ساهم في إنجاح مهرجان الوطن، ونعم للتعاضد وحب الأصالة والتراث، ولا لكل الشعارات المرفوضة، ودمت يا وطن المجد شامخاً.