إن الأفكار العقلانيـة أداة ثمينة وهي مهمة تربويا للكشف عن مصادر الأخطار والأوهام والضلالات، و الأفكار في عمومها مجرد نظريات ومذاهب وإيديولوجيات، لكن أخطرها تلك التي تقوم بحماية أخطائها وأوهامها مثل النظريات المنغلقة وإيديولوجيا الأفكار المتصلبة التي تدمر الوقائع تسحقه وتلتهمه، إن الأفكار غير المنفتحة على الواقع في وقتنا العصري تكون وبالا خطيرا على الإنسانية والنمو والاستطالة والتطلع، مثلها مثل الأفكار الفاشية والنازية والتترية والديكتاتورية المقيتة، إن الأفكار العقلانية الحقيقية المفتوحة بطبيعتها، هي التي تحاور الواقع الذي يعاندها بفكر عقلاني منفتح وقابل للحوار، وبذلك فهي ليست فقط نقدية بل تقوم بنقد ذاتها، لا معنى للأفكار العقلانيّة ما لم ترتبط بالواقع المعاش، عكس الأفكار الاستبدادية التي ترتبط باللاعقلانيّة، إن الأفكار العقلانيّة والمنطق والمنهج العلمي السليم تشير جميعاً إلى مجتمع واع وقادر على مطارحة الحياة وقولبتها وتشكيلها وصنعها، إن الأفكار العقلانية دائماً تفسح المجال وبفاعليّة للآخر المختلف في ذاته بعيدا عن الاستبداد بالرأي والفكرة، أن القصص المحزنة التي تبين الصراع بين العقلانية والفكر الاستبدادي المنغلق لا ينتهي عددها ولا سردها، ففي الماضي كانت الأفكار الاستبدادية والقراءات الخاطئة، اتهمت ابن المقفع مؤلف كتاب كليلة ودمنة بالكفر، وقطعت أطرافه وفصلت رأسه والقي بباقي جسده في النار، ونفس المصير لقاه الكندي فيلسوف العرب، جرد من ملابسه وهو في الستين، وجلد ستين جلدة في ميدان عام وسط تهليل العامة والرازي ضرب على رأسه بكتبه حتى فقد البصر، ولم ينجُ ابن سينا، ابن رشد وابن خلدون من الاتهامات الخطيرة، ابن رشد أيضا حرقت كتبه واتهم في إيمانه بناء على فلسفته، أن اللاعقلانية الفكرية وثقافة الفرض تنتج حالة من انعدام الثقة كنتيجة طبيعية لغياب فاعلية الفكر الحر، فلنحاول بجدية تامة، أن نتعلم كيف نرقي عقولنا بالأفكار السليمة الخالية من الشوائب والغبش والعتمة ونبعدها عن أفكار الكهفنة.
ramadanalanezi@hotmail.comramadanjready @