أشار الخبر المنشور في الجزيرة أمس، بأن «محمد بن نايف» رجل الأمن، الدؤوب المثابر, قد كافأ مواطناً في المدينة المنورة لقاء تعاونه في العثور على مفقودَيْن في جبال طيبة..
الخبر يُمكن أن يمر عابراً دون كثير اهتمام لدوام ما عُهد من تكريمٍ لمواطنين يُؤدون دوراً استثنائياً..
فنهج مكافأة المتعاونين مع الأمن سنّة اتخذتها وزارة الداخلية لتحفيز همم المواطنين من جهة، ولتذكيرهم بالواجب, ولدعم قيمة المشاركة, والتكافل على مستويات مختلفة.. وهي سنّة فاعلة, وواعدة..
وعهدي بهذا الأمير الوزير يقظاً مذ عرفناه جندياً مجهولاً، صارماً عند الخطأ، وفياً عند الموقف..
المهم هو السلامة للفرد.., للمنشأة.., للتراب.. للوطن بمن فيه، وبما فيه..
جانب آخر لفتني إلى هذا الخبر, وهو المهمة التي قام بها المواطن الجهني في مساعدة رجال الأمن للعثور على المفقودَيْن، الفراسة.., ومعرفة مفازات يثرب.., وطرقها.., وجبالها.., ومساراتها, ومساربها، وطبيعتها..
وهو عِلم بلا شك تستعين بمن يتقنه وزارة الداخلية، بجهاتها المختصة..
إن مهارة تتبع الأثر عِلم.., وفراسة عُرف بهما عربنا..
وهي مثل كثير من مهارات العرب التي بدأت في التلاشي بانقراض مَهَرتها، وفرسانها، إذ قلَّ من يتقنها ويحترفها..
ولا ينبغي أن يحدث هذا، على الأقل في تصوري..
ولئن كانت هذه الخبرة جزءاً من مادة معرفية، أو في منهج دراسي يتلقاها طلاب الأمن من رجال الداخلية، وطلاب سواها من كليات المجالات العسكرية حسب علمي، إلا أنني أقترح أن تكون مضمون مادة مستقلة تُدرَّس، ويخضع للتدريب عليها من يرغب على أيدي القلة الذين يمهرون في كيفية تتبع الأثر من جهة، ويعرفون طبيعة الصحراء مفازاتها، وجبالها، وأوديتها، وشعابها.. ورباها وسعتها, ووعورتها، وانسيابها في الجهات كلها..
وستكون فرصة لتكوين ثقافة أوسع عن طبيعة أرض الوطن من جهة, ولإحياء خبرة ممتعة, وأصلية, يمكن أن تكون مضموناً معرفياً للدرس والتدريب, والإتقان، ومن ثم للاحتراف.., ثم لتمكين الهواة من احترافها قبل اندثارها..
وأيضاً لتكوين فرق أوسع من المَهَرة تنضم للعمل لهيئة السياحة, ولأمانات المدن، وللدفاع المدني, ولأقسام الأمن في إمارات المناطق، إلى جانب الذين يعملون في الأقسام الموجودة في الوزارة المختصة..
إن خبرة المواطن «علي بن بطي الجهني»، يُمكن أن يتمتع بها هواة السفر والرحلات.. حين يُمكّنون من التدريب والاحتراف..
ثمة ما أضيف، وهو التقدير لكثير من مواقف الوفاء التي يقدمها الأمير محمد بن نايف للخُلَّص الدؤوبين النابضين في عروق الوطن,..
وله شخصياً الوفاء لما يقدمه بصمت مذ تعرفت أول مواقف نبله، واستجابته، وصدقه في كثير من مآزق مر بها أناس، فأخرجهم منها، وكنت شاهدة على هذا.. حفظه الله ووفقه.
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855