|
داي ريون تشانغ :
إنّ النجاح لا يجرّ النجاح وحسب، بل يؤدّي أيضاً إلى زيادة التوقعات في السوق. لقد اتّضحت هذه الرسالة بعد أن كشفت «سامسونغ» النقاب، في 14 آذار (مارس) الماضي، عن جهاز «غالاكسي أس 4»، أحدث هاتف ذكي تتميّز به الشركة.
وعلى الرغم من الإطلاق الذي اتخذ طابعاً مسرحياً في قاعة «راديو سيتي ميوزيك هول» في نيويورك، كانت الآراء حول المنتج متفاوتة، وهوى سهم «سامسونغ» بنسبة 3 في المئة تقريباً. وقد عزت بعض وسائل الإعلام الاقتصادية سبب هبوط السهم إلى خيبة أمل المحلّلين إزاء كون جهاز «أس 4» لا يختلف كثيراً عن مجموعة هواتف «سامسونغ» الذكية السابقة أو عن منتجات منافسيها.
وفي حال كان هذا كلّه يبدو مألوفاً، يعود السبب إلى أن «أبل» واجهت وضعاً مماثلاً منذ فترة قصيرة، بعد أن أطلقت جهاز «آيفون 5».
في الواقع، يُعتَبر المأزق الذي واجهته «سامسونغ» مثالاً تقليدياً على أعمال الخفة التي ينبغي أن تلجأ إليها كل شركة لدى إطلاقها منتجاً جديداً. وبالتالي، وفيما تحاول البقاء بمنأى عن منافسيها، من الضروري أن تنافس المنتجات التي سبق أن أنتجتها بحدّ ذاتها. وبالنظر إلى الشعبية الواسعة لجهازها «غالاكسي أس 3»، قد تشكّل شركة «سامسونغ» أصعب منافسة لذاتها.
كيف يمكن لشركة رائدة في القطاع أن تكون على قدر توقعات السوق، في ظل سعيها لتكون أكثر ابتكاراً؟
- خففوا من حجم التسويق الذاتي: تكمن مشكلة التسويق الذاتي لعملية إطلاق منتج معين في ضرورة التمكّن من دعم المنتج، مع الإشارة إلى أن التألّق الذي اتّسم به إطلاق جهاز «أس 4»، إلى جانب الحملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والإعلانات المثيرة للفضول في ظل الاستعدادات للحدث، هي أمور نُظر إليها بشكل جمالي على أنّها تشتمل على مبالغة ومخيبة للآمال. وصحيح أنّ الإعلانات هي جزء مهمّ من عملية إطلاق منتج جديد. ولكن في حال بالغتم في التسويق عن أحدث ابتكارات شركتكم، فلعلّكم ترفعون سقف التوقعات أكثر مما ينبغي.
- تميّزوا في تحديد معالم علامتكم التجارية: من الضروري أن يفهم السوق بوضوح السبب الذي يجعل منتجكم مختلفاً. وقد اعتبر خبراء كثيرون أنّ جهاز «غالاكسي أس 4» سمح لشركة «سامسونغ» بتسديد ضربة إستراتيجية في سبيل إبعاد هاتفها عن «غوغل» وجعله يبرز أكثر على أنه هاتف من إنتاج «سامسونغ». ولكن على الرغم من هذه النظرة الراقية، تبيّن أن أهم العناصر المميزة للعلامة التجارية في جهاز «أس 4» تكاد تكود مطابقة لتلك التي اتّسمت بها أجهزة «غالاكسي» السابقة. وقد يولّد هذا النوع من التداخل ضمن العلامة التجارية ارتباكاً في أوساط المستهلكين الذين يحكمون على المنتجات بالنظر إلى مظهرها الخارجي.
- فكّرو في الأمور ذاتها، إنما بطريقة مختلفة: تحتاج الشركة إلى التفكير في ذاتها بطريقة مختلفة ومتحررة تماماً، ولكن من دون أن تخسر هويتها الأساسية. ولعل الضغوط التي شعرت بها شركة «سامسونغ» للإبقاء على مقامها الريادي منعتها على التفكير بحرّية.
لا شكّ في أنّ شركة «سامسونغ» تختبر آفاقاً لم يسبقها إليها أحد كرائدة عن حسن نية في مجالات تكنولوجيّة عدّة. ولكن من أجل الحفاظ على هذا المقام، من الضروري أن تتخطّى نظرة الشركة المقاربة القائمة على إدارة الأعمال كالمعتاد.
- (داي ريو تشانغ أستاذ لمادة التسويق في كلية الأعمال التابعة لجامعة «يونساي» في سيول).