من المتعارف عليه أنه عندما يطلق لقب (شيخ) على شخص ما، فإن أول ما يتبادر إلى ذهنك بأن أبرز صفات هذا الشخص هو الوقار واحترام الناس والعلم النافع والافتاء فيما يعرف ويقول (لا أعلم) فيما يجهل، وترك المهاترات وعدم التدخل بشؤون غيره وفيما لا يعنيه، ولكن -للأسف- في هذا الوقت اختلط الحابل بالنابل وأصبح الشيخ يفتي فيما يعرف وما لا يعرف وأصبح بعض الشيوخ نجوم إعلام ومحبي (أكشن)، أصبح -بعضهم- يركض خلف الإعلام ويصرح بكل شيء، سياسة واقتصاد ورياضة وفن وكل مجال له فيه بصمة، يفتي بأي شيء حتى لو كان لا يعلم الإجابة، لقد أزال بعض المشائخ هيبتهم لدى الشارع السعودي وذلك بإنزال أنفسهم للمهاترات وعدم الترفع عن بعض التفاهات، فإلى وقت قريب جداً كان لقب شيخ لا يطلق إلا على رجل علم وافتاء ورجل (ثقل وتكانة وأدب جم)، بمعنى أن يخرج الشيخ ويفتي بأمور الدين وكفى، وبقية التخصصات لها رجالها، وأكبر مثال على هؤلاء العلماء، الشيخان ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله، أما الآن فكل شيء يعرفه الشيخ، فنراه يفتي ويفسر الأحلام، وقارئ ويتكلم عن الانتخابات الأمريكية، ويسب رئيس دولة وربما يتدخل بخطة مدرب المنتخب ريكارد ونسي أنه (شيخ)، والأشد من هذا أن بعضهم -هداه الله وأصلحه- أصبح يسب (زميله الشيخ) لغاية في نفس يعقوب نحن لا نعلمها، بدون أسباب واضحة، وبالتالي انقسم طلاب العلم بين هؤلاء المشائخ فلا يدرون أيهما أصح!! الآن مع ظهور تويتر أصبح هم -بعضهم- هو عدد المتابعين، أي تقاس درجة (المشيخة) بعدد المتابعين وهذه المعضلة الكبرى، فتجد طلاب العلم يقولون إن الشيخ الفلاني هو القدوة لأن متابعينه كثر! إننا بحاجة ملحة لردع بعض ضعفاء النفوس ممن أغرتهم الشهرة والأضواء وحب الظهور وعدم السماح لهم أياً كانت صفتهم والاكتفاء بهيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث والافتاء فقط وإسقاط لقب شيخ ممن أطلق لحيته وقصر ثوبه طالما أنه بدون علم وليس مؤهلاً للفتوى، حتى ولو خرج بإحدى القنوات وعرفه الناس بأنه (شيخ وداعية ورجّال فيه خير)، المصيبة الكبرى أن مواقع التواصل الاجتماعي كلها تعج بهذا النوع من المشائخ وماعاد نفرق بين (الأصلي من التقليد)، في الختام هذا الكلام لا ينطبق على الكل ولكن على البعض وما نقول إلا ربنا يهدينا ويهديهم.