تضاربت النسب في الأسبوع الماضي بين الرياض وجدة في عدد قضايا (عقوق الوالدين) المنظورة في المحاكم، ففي حين قيل إن الرياض تتفوق، ذكرت بعض الأخبار والتقارير الصحفية المنسوبة لوزارة العدل أن جدة تتصدر بنحو 91 قضية منذ بداية العام!.
المُخيف ليس أين تقع المنطقة الأكثر عقوقاً، بل في كثرة القضايا، فنحن لم نتجاوز النصف الأول من العام بعد، والمحاكم السعودية تنظر لنحو (443 قضية)، بينما في العام الماضي برمته كانت القضايا مجتمعة بحسب وزارة العدل (1074 قضية) فقط!.
إن هذا مؤشر خطير حول تنامي الظاهرة عاما بعد آخر، خصوصاً وأن العديد من الدراسات الاجتماعية والنفسية (الخليجية) يتوصل باحثوها إلى أسباب جديدة تتعلق بالحياة العصرية في المنطقة، والتغيرات والضغوطات الاقتصادية، وعدم فهم العلاقة الحقيقية بين الوالدين وابنهما وهو ما يقود إلى (عقوق جديد) ليس بالضرب أو التعدي، بل أسلوب ناعم وهو (التخلي) عن كبير السن؟!.
هذه النهاية كانت تمارس بشكل ضيق في المجتمع السعودي من قبل بعض الأبناء، وكان هؤلاء الأبناء يستترون تحت غطاء أو آخر (معللين) هذه الخطوات بأنه الحل لحفظ كرامة (الأب أو الأم) مع صعوبة تكيفهما مع حياة الزوجة والأحفاد، وتشكيلهما (عبئاً جديداً) لا يمكن تحمله مع دراماتيكية وسرعة الحياة!.
لكن ما الذي حدث، حتى إن صور (التخلي) في المجتمع السعودي أصبحت تمارس الآن بشكل أكبر وعلني؟! سؤال يجب أن يقدم الباحثون له إجابة شافية، وبلغة عصرية، يفهمها (الشباب) قبل الكبار!
هناك (عقوق صامت) يمارس بشكل شبه يومي على الآباء والأمهات بتهميشهم عن القضايا الجوهرية في الأسرة، أو إسقاطهم من برامج وحسابات الرحلات والزيارات العائلية، أو حرمانهم من التنوع الغذائي والترفيهي في الأسرة، ومع ذلك تجدهم (صابرون صامتون)!.
إن التخلي (عقوق قاتل)، وهو بنسيان أن هناك أب أو أم في الحياة يستحق الزيارة أو الرعاية، وهذا الاستحقاق ربطه الله مع عبادته!.
فَلَمَّا بلَغْتَ السِّنَّ والغَايَةَ التِي
إِليْها مَدَى ما كُنتُ فِيكَ أُؤَمِّلُ
جَعَلْتَ جَزَائِي غِلْظَةً وَفَظَاظَةً
كَأَنَّك أَنْتَ الْمُنْعِمُ الْمُتَفَضِّلُ
احذر أن تكون (مُتخلياً) اليوم، حتى لا يُتخلى عنك غداً!.
جمعتكم (وفاء وبر) بوالديكم.. فهما (سر): طول العمر، وزيادة الرزق، وبركة المستقبل!.
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.netfj.sa@hotmail.com