|
الأحساء - عايدة بنت صالح:
الزائر للأحساء.. يحس من الوهلة الأولى أنه في مكان (خاص).. مكان يتنفس خضرة، ويهمس سحرا، ويشي بوجود إنسان ضارب في عمق التاريخ. كل منطقة الأحساء تملك ذات السحر، وتحتضن خامة هائلة قادرة على جذب الفضول، في زمن تسعى فيه كل مناطق العالم لاجتذاب السياح، ولفت الأنظار لجمالها وكنوزها السياحية والحضارية، سواء بما تحتويه فعليا من ثروة معرفية وسياحية.. أو بما تضفيه من مكياج لتكون في أبهى حلة جذبا للناظرين.
لكن الأحساء.. ما زالت بعيدة عن الإبهار السياحي الذي تستحقه، وتلك ملاحظة مبدئية لا تغيب عن العين الراصدة، رغم أن المنطقة لا تخلو من كل مظاهر الحياة الحضرية الحديثة، يضاف لها الخصوصية التي تميزها، والتي تجعلها منجما يمكن أن يشكل جذباً سياحياً هائلاً لو تم استغلاله بالشكل المناسب.
مقومات جاذبة
حاضرة الأحساء تجمع أربعاً من البيئات السياحية الطبيعية والتي قلّ اجتماعها في مكان واحد، حيث أنها منطقة شاطئية لاحتوائها شاطئ العقير، وتقع على أكبر صحراء متصلة وهي الربع الخالي، وتضم أكبر واحة نخيل متصلة في الكرة الأرضية، إضافة إلى إنها تحتضن أكبر حقل بترولي في العالم.
أما أهم المعالم الجاذبة فيها، فهناك جبل القارة بصخوره الرسوبية وكهوفه التي لا مثيل لها في العالم، وهي كهوف تستقطب الفضول بتكويناتها اللافتة وحرارتها المعتدلة المائلة للبرودة خلال فصل الصيف الساخن.
وهناك أيضاً قصر إبراهيم باشا الشهير بالكوت، ويضم في داخله مسجد القبة، ويعد إحدى الواجهات السياحية للأحساء، أما قصر صاهود فهو معلم آخر من معالم الأحساء السياحية، ويضاف لما سبق.. العشرات من العيون الدفاقة الحارة والباردة.
الاهتمام.. الاهتمام
يبدو علي السلطان، عضو المجلس البلدي بالأحساء مفتوناً بالمنطقة، وهو يتحث عن بعض مميزاتها: «إنها الواحة الوحيدة في العالم التي تجمع أكثر من 3 ملايين نخلة في بقعة واحدة، وهي بوابة المملكة لدول الخليج العربي، وتضم أحد الموانئ القديمة وهي العقير، وتقع على طريق الحرير الذي يربط بين حضارة الهند والسند والفراعنة». لكن عبارات الافتتان سرعان ما اختلطت في لهجة السلطان بعبارات أخرى مفعمة بالحسرة، وبالمطالبات لإصلاح الحال: للأسف لا نجد اهتماماً كبيراً في الأحساء، ونطلب من هيئة السياحة الالتفات لها، ونشدد على مجلس التنمية السياحية والذي يترأسه محافظ الأحساء الأمير بدر بن محمد بن جلوي والأعضاء الفاعلين الإسراع في تدوير عجلة السياحة ومتابعة المشروعات القائمة والمطالبة بالمزيد منها لتفعيل دورها بالشكل المنشود، كما ننتظر فتح آفاق جديدة للسياحة بالأحساء كالمهرجانات التسويقية والفعاليات الجاذبة والمجمعات والفنادق.
لكن محمد العفالق، نائب رئيس الغرفة التجارية وعضو مجلس التنمية السياحية بالأحساء، تدخل مظهراً بعض الجهود التي تمت لتفعليل السياحة في الإحساء، مشيراً إلى أن لجنة التسويق المشترك قامت بالبحث عن عدد من الفعاليات التي تجذب السائح المحلي والخارجي وتشجع على قضاء الإجازات القصيرة منها والطويلة، فنتج عن ذلك تبني فكرة مهرجان التسوق الأول بشراكة بين الغرفة التجارية وهيئة السياحة، بحيث يكون الجذب السياحي للعائلة ككل بالتزامن مع مهرجان حسانا فله لمدة خمس وأربعين يوماً من الفعاليات.
غير أن العفالق عاد للاتفاق مع السلطان، متحدثاً عن الصورة الأخرى التي تكبل السياحة بالأحساء وتعوق انطلاقتها بالشكل المطلوب: ما زالت الأحساء في حاجة الى إنشاء فنادق وشقق فندقية ومجمعات تجارية وحدائق، فما يوجد الآن لا يفي باستقبال الأعداد السياحية التي نتطلع لجذبها مستقبلاً، كما أتمنى أن تقام مهرجانات ومعارض تخصصية أكثر من المقامة حالياً وهي قليلة، فعلى سبيل المثال الأحساء اشتهرت بصناعة الذهب وبها تجار يملكون خبرات في هذا المجال، فلماذا لا يقام معرض للذهب على مستوى المملكة يشارك به التجار من جميع المناطق، كذلك يتوجب وضع اهتمام أكبر بمهرجان التمور ورفع مستواه إلى العالمية ليتناسب مع مكانة تمر الأحساء، ونقيس على ذلك ليصبح لدينا مهرجانات ومعارض تساهم بشكل فاعل لجذب السياح.
مرافق مطلوبة
عبداللطيف العفالق رئيس اللجنة السياحية في غرفة الأحساء وعضو مجلس التنمية السياحة بالأحساء يأسف هو الآخر لأن زائر الأحساء لا يرى فيها ما يجذبه لها سياحياً، لكنه يستدرك بأن ذلك أمر غير مستغرب لحداثة الاهتمام بالسياحة والآثار في المنطقة من الدولة وبعض القطاعات الخاصة بالاستثمار السياحي. غير أنه أشار إلى عناصر محددة يمكنها الارتقاء بالسياحة الأحسائية وإضفاء الجاذبية على ملامحها: «تفعيل مطار الأحساء عنصر مهم، حيث أبت هيئة الطيران المدني في المملكة السماع إلى الأصوات المطالبة بتفعيله رغم أهميته، والخطوط السعودية عاجزة عن تشغيل مطار الأحساء ولا تعيره أي اهتمام، وتفتقد الأحساء للعديد من المرافق المساندة للسياحة، كحديقة حيوان قومية، ومتحف زراعي يحوي منتجاتها ويثقف الزائر عن زراعة النخيل الموجودة بها منذ أكثر من 10 آلاف عام، كما تشكل الأحساء قلب صناعة النفط في العالم وفيها 80% من نفط المملكة و اكبر حقل بترول على اليابسة، مع ذلك لا يوجد بها معرض للزيت والغاز أسوة بالمعرض الموجود في الظهران، وكان من الأجدر بشركة أرامكو إقامة معرض مماثل في الأحساء».
خطوات على المسار
من جانبه أوضح علي الحجي مسؤول التسويق في فرع هيئة السياحة والآثار بالأحساء أن المنطقة، وفقاً لما أكده المدير التنفيذي للفرع علي الحاجي، شهدت إقامة عدة ورش لأصحاب وكالات السفر والسياحة ومنظمي الرحلات واصحاب فنادق وشقق مفروشة في الأحساء تهدف لزيادة وعي مقدمي الخدمات السياحية بالمقومات السياحية الواعدة التي تمتلكها محافظة الأحساء.
كذلك أوضح المهندس فهد الجبير أن الأحساء تشهد في الفترة الأخيرة حركة تنموية ملحوظة في الجانب الاستثماري والتجاري بإنشاء المجمعات التجارية والفنادق وغيرها من العوامل الأخرى الجاذبة لزائري المنطقة، كما أكد أن الجميع يعمل لتطوير السياحة بالمنطقة: مجلس التنمية السياحية بالأحساء برئاسة سمو المحافظ الأمير بدر بن محمد بن جلوي يسعى لأن يكون قطاع السياحة في المحافظة قطاعاً رئيساً ذا منافع اقتصادية واجتماعية مستدامة، على أن يتم العمل على تطوير وتنمية العديد من المواقع السياحية في المنطقة والتي من بينها شاطئ العقير وموقع جبل الشعبة وتطوير جبل القارة وبحيرة الأصفر والمنتزه الوطني ومنتزه الشيباني وكذلك تطوير موقع مسجد جواثا.
الغرفة: نحن هنا
أمين الغرفة التجارية بالأحساء عبدالله النشوان أشار من جهته إلى أن الغرفة وبناء على توجيهات محافظ المنطقة رئيس مجلس التنمية السياحية بالمحافظة سمو الأمير بدر وقعت مؤخراً اتفاقية لإقامة مهرجان التسوق والترفيه لأول مرة بالأحساء، وستوقع الغرفة اتفاقية مع أمانة الأحساء لإقامة مهرجان واحة الخير، أضاف «كذلك هناك اتصالات مستمرة وجهود لتحويل مطار الأحساء إلى مطار إقليمي، إضافة إلى الاتصالات المستمرة بخصوص مدينة العقير السياحية، كما نعمل على مهرجان التمور الذي سيقام بمشيئة الله خلال شهر سبتمبر، اضافة إلى سوق هجر الذي سيقام بمشيئة الله خلال شهر أكتوبر».