نماذج مخزية وقليلة هي عبر التاريخ التي بقيت لأصحابها وصمة عار تظل تذكر بفعلتهم وخيانتهم لأوطانهم لصالح جهات تفننت في خلق وسائل متعددة لتجنيد أبناء البلد أنفسهم للتجسس على أرضهم وعرضهم لقاء مبالغ مهما عظمت كانت سببا فيما بعد لانتحار بعضهم ونبذ المجتمعات لهم، ولعل الخسارة النفسية والخزي كان أكبر عقاب لأولئك الذين باعوا أوطانهم بحفنة من المال.
في إسرائيل نشطت جماعات صهيونية للضغط على الشباب الفلسطيني بطرق حقيرة واستخدامهم للتجسس وسرعان ما انكشف معظمهم وأعدم بالرصاص من قبل السلطات أو الجماعات الوطنية أو المواطنين أنفسهم الذين لم يغفروا للخونة حاجتهم أو عوزهم أو ضياع أراضيهم وأموالهم لصالح الاحتلال.
لكن الأشد غرابة من ذلك أن تكون دولة إسلامية هي وراء تجنيد شباب من بلادنا لخيانة أوطانهم إن لم يكن الدافع ماديا وهو الأغلب بدافع شعارات وأفكار مسمومة تم غرسها في عقولهم ثم تضخيمها للتشكيك في أوطانهم وولاة أمرهم ومؤسسات بلادهم، ولعل الخلية التجسسية التي أحبطت قبل أيام والمكونة من أربعة عشر سعوديا مثيرة للاستغراب والقلق والقرف والحزن في الوقت نفسه.
ما هو الانتماء وما هي المواطنة! ما هو الإيمان وما هو الإحسان! من هو الوطن وما مدى ارتباطنا به وميثاقنا ؟!
كل هذه أسئلة قد يطرحها الموقف والحدث؟ ولعل وسائل التواصل الاجتماعي من تويتر وفيس بوك قد وشت بالكثير من الأفكار والتصورات والمواقف لدى البعض، فهي لم تكن فقط نوافذ (لفشة الخلق) على قولهم بل من قبل البعض قنوات لبث سمومهم وأفكارهم السوداء، نحن اليوم لو أردنا الوصول إلى أي كان في أي مكان فإن أقرب طريق إليه وببساطة هذه المواقع، وإن من مصلحة أعداء أوطاننا إثارة القلاقل والفوضى واستمالة أصحاب الفكر ورجال الدين والأقلام المؤثرة، وما أسهل الشائعة أن تتداول وتنتشر وتؤثر، فكم من موقف غريب وعدائي ومبالغ فيه لمسناه عبر تغريدة أو جملة فيسبوكية أو مقال ضد إحدى مؤسسات المجتمع! ولا أظن أن نية الإصلاح الذين تدعيه تغريداتهم تتم بهذه الصورة! فقد صدمت حقيقة قبل أيام عن خبر تناقلته رسائل الواتس أب وسرعان ما انتقل للوسائل الأخرى عن شاب يقتل في جامعة الملك خالد! وما هي إلا دقائق وظهر الخبر اليقين والذي وضحته الكاميرات وشهادة الطبيب أن وفاته نتيجة تضخم في القلب ولا أذكر التشخيص الطبي الدقيق! وآه يا ناري على التأويلات التي صحبت خبر وفاته قبل أن يعلن السبب الحقيقي للوفاة! ماذا بإمكان خبر كهذا أن يفعل في المجتمع وأن يثير من الفوضى وقلقلة الأمن؟! مقتل طالب في الجامعة في ظروف غامضة! في خبر آخر: انتحار طالب في جامعة..! ملاحقة تؤدي لمصرع طالب جامعي!! هذه إحدى الأسلحة الفضائية الفتاكة التي لا تستهدف الجسد برصاصة إنما مئات العقول بإشاعة فاتكة قد تجند كل من تحركت أحاسيسهم بسبب خبر كاذب جيشها.
المواطن هو جندي لهذا الوطن.
والرهان كبير على وعيه..
المثقف.. والإعلامي هو الجندي في الصفوف الأمامية، الكلمة أمانة والوطن نحن مستخلفون فيه، هو الابن الذي نحبه أكثر من ذواتنا، والأم التي لا بعدها إلا اليتم، هو الأرض والعرض والكرامة والوجود، هو الذي استوصينا ألا نعيث فيه فسادا فهل نفرط فيه! سحقا لتلك الأيادي الملوثة بالعار، لأولئك الذين هانت عليهم أوطانهم، وبئس تلك التغريدات الخارجة من سرب الحياة إلى سرب الغربان.
مملكتي الغالية تهون الروح فداء ثراك، حماك الله.
mysoonabubaker@yahoo.com