|
الدوحة - وكالات:
أرسل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون رسالة إلى جميع المشاركين في الدورة العادية الرابعة والعشرين لمؤتمر قمَّة جامعة الدول العربيَّة.
وأشكر قطر على استضافتها لهذا الحدث المهم.
وخلال مؤتمر قمَّة العام الماضي المعقود في بغداد، ناشدت قادة العالم «الإصغاء إلى الشعب».
وقد هبّ شعب الجمهورية العربيَّة السورية منذ سنتين في احتجاجات سلمية وشعبية مناديًا بحقوقه وحرياته المعترف بها للجميع. فردت السلطات السورية على هذا النداء باستخدام القُوَّة الغاشمة. ويراقب العالم اليوم نتيجة ذلك بارتياع.
وتستمر الهجمات العشوائية على المناطق المدنية من الجو وبالصواريخ والمدافع والقنابل. وقد بدأت العناصر المتطرفة تُثبت أقدامها. ويجب أن يساق المسؤولون عن الانتهاكات الجسيمة أمام العدالة. وتظهر الآثار غير المباشرة للصراع جلية في البلدان المجاورة للجمهورية العربيَّة السورية.
وعلينا أن نُعجل في السعي للتوصل إلى حل سياسي قبل أن يفوت الأوان للحيلولة دون تدمير الجمهورية العربيَّة السورية. الهدف صعب التحقيق ولكنَّه واضح: وهو إنهاء العنف، والتحوّل التام عن الماضي، والانتقال نحو سوريا جديدة تُحمى فيها حقوق جميع الفئات وتحقَّق التطلُّعات المشروعة للسوريين كافة إلى الحُرِّية والكرامة والعدالة. وفي مواجهة المشككين ومن يفضِّلون الحلول الأخرى، يواصل الأخضر الإبراهيمي الممثل الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربيَّة، بذل جهوده لمساعدة الشعب السوري على حلٍّ النزاع بالوسائل السلمية والسياسيَّة.
وأحث الأعضاء في جامعة الدول العربيَّة على التفكير في آثار الصراع الذي طال أمده في سوريا وما يترتَّب عليه من عواقب وخيمة في حياة الشعب السوري وتماسك البلد واستقرار المنطقة بأسرها. وباسم السَّلام أحثكم على أن تتأمَّلوا طويلاً الإجراءات المتخذة اليوم وما تتمخض عنه من آثار.
فالجمهورية العربيَّة السورية في مواجهة أزمة إنسانيَّة تسببت في تشريد أكثر من ثلاثة ملايين شخص من ديارهم. وتبذل الأمم المتحدة قصارى جهدها لإيصال المعونة إلى السوريين المحتاجين. وسنستمر في ذلك. ومن المهم للغاية الوفاء بالتعهدات التي قطعت خلال مؤتمر الكويت المعقود يوم 30 كانون الثاني - يناير.
أما في اليمن فقد تَمَّ اختيار طريق الحوار السلمي. ومؤتمر الحوار الوطني أعم العمليات التي شهدها تاريخ البلد شمولا وأقدرها على إشراك الجميع. وآمل أن يغتنم جميع اليمنيين هذه الفرصة لبناء الثِّقة وكفالة تحقيق العدالة وتعزيز حقوق الإنسان والمساهمة في أمن البلد وتنميته ورخائه.
وتواصل الأمم المتحدة التعاون عن كثب مع جميع الأطراف من أجل إبقاء العملية الانتقالية في اليمن في مسارها الصحيح.
ونحن في بداية مرحلة حرجة من مراحل قضية فلسطين. وإذا أردنا إنقاذ الحل القائم على وجود دولتين وتحقيق تطلُّعات الفلسطينيين إلى العيش في حرية وكرامة في دولة مستقلة خاصة بهم، جنبًا إلى جنب مع إسرائيل في سلام وأمن، فيجب علينا جميعًا العمل بحزم وبنوايا مشتركة. وقد صوَّتت الجمعية العامَّة للأمم المتحدة في تشرين الثاني - نوفمبر الماضي لإعطاء فلسطين مركز دولة مراقبة غير عضو. وفي ذلك تأكيد قوي لهذه الغاية. وتظل مبادرة السَّلام العربيَّة إطارًا مهمًا لتحقيق أيّ فرصة سلام في المستقبل.
ويجب أن أشير إلى ما يَتَعرَّض له الحل القائم على وجود دولتين من خطر متزايد يُهدِّد بتقويضه، في سياق التسارع في تشييد المستوطنات الإسرائيليَّة غير القانونية، والأزمة الماليَّة المتفاقمة التي يعاني منها الجانب الفلسطيني. وتتمُّثل الأولوية في نزع فتيل التوتر على الفور، وكفالة استقرار أوضاع السلطة الفلسطينيَّة. ولدعمكم السياسي والمالي السخي، بما في ذلك دعمكم لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) أهمية بالغة.
وفي الصومال، نشهد في الآونة الأخيرة إحراز تقدم رائع حقًا.
ويشكِّل قرار مجلس الأمن 2093 (2013) اعترافًا بالخطى السياسيَّة التي تَمَّ اجتيازها بعد نهاية الفترة الانتقالية في آب - أغسطس الماضي. وهو بمثابة دعوة إلى النُّهوض بأهداف بناء السَّلام وبناء الدَّوْلة التي تَمَّ تحديدها. وتضطلع جامعة الدول العربيَّة في ذلك بدور فريد.
وحقق السودان وجنوب السودان أيضًا تقدمًا مطردًا، وأن كان بطيئًا، نحو حل قضاياهما بعد الانفصال. ومن الضروري أن يُنفّذ الطرفان سلسلة الاتفاقات التي وقعاها في الآونة الأخيرة.
وبخصوص دارفور، تظل الأمم المتحدة ملتزمة بدعم تنفيذ وثيقة الدوحة لإحلال السَّلام في دارفور. وأودُّ أن أنوّه بالدور الحيوي الذي قامت به قطر في تيسير التَّوصُّل إلى تسوية سياسيَّة شاملة وجامعة في دارفور، وفي تقديم التمويل اللازم لتنفيذها.
وجامعة الدول العربيَّة بصدد إجراء إصلاحات مهمة للتصدّي للتحدِّيات الجديدة الكثيرة. وأتمنَّى لكم كل التوفيق في هذا الجهد المهم. ومن شأن زيادة فعالية جامعة الدول العربيَّة وكفاءتها أن تسمح لها بمواصلة العمل كشريك للأمم المتحدة يمكن التعويل عليه. وقد استجابت الأمانة العامَّة للأمم المتحدة لدعوة جامعة الدول العربيَّة إلى تعزيز الشراكة وآليات التعاون بيننا. ونحن مستعدون للتعاون الوثيق مع الجامعة وأعضائها على جميع الجبهات في السنوات المقبلة.
وأتمنَّى كل النجاح لهذا الاجتماع المهم.