|
الجزيرة - محمد السهلي:
منذ قدوم إمبراطور فرنسا الأول (نابوليون بونابرت) إلى الأراضي المصرية, فإن التواجد الأوروبي لا يزال متواجدا عبر المؤسسات المالية الأوربية. فللبنوك الفرنسية جذور تاريخية عميقة في مصر. فبعد خروجها من البلاد عند تأميم قناة السويس عام 1956 بعد الحقبة الاستعمارية وصعود القومية العربية عادت لتستفيد من انفتاح الاقتصاد المصري إلى أن اندلعت أزمة ديون منطقة اليورو.
خلال أقل من أسبوعين, تم الإعلان عن خروج اثنين من أكبر البنوك الفرنسية و العالمية من السوق المصرية. عملية الخروج «المشرفة» تمت من خلال عمليات استحواذ من بنوك خليجية, تطمح في مرحلة لاحقة تقديم الخدمات الإسلامية للشعب المصري.
والاتفاق علامة جديدة على أنه بالرغم من الاضطراب السياسي المستمر في مصر فإن المستثمرين الخليجيين الذين يتمتعون بوفرة في السيولة حريصون على تعزيز وجودهم في سوق جديدة. وهم بذلك يستغلون الأوضاع التي تعيشها البنوك الأوروبية التي تسعى لإصلاح ميزانياتها العمومية ببيع بعض الوحدات الخارجية.
وافق سوسيتيه جنرال على بيع حصة الأغلبية التي يملكها في البنك الأهلي سوسيتيه جنرال-مصر إلى بنك قطر الوطني مقابل ملياري دولار في اطار مسعى البنك الفرنسي لتلبية متطلبات جديدة للرسملة.
والصفقة التي من المتوقع إتمامها في النصف الاول من 2013 تبشر بأن يجني سوسيتيه جنرال ربحا صافيا يبلغ حوالي 350 مليون يورو .
وأكد قطر الوطني في بيان له أنه توصل لاتفاق نهائي للاستحواذ على كامل حصة سوسيتيه جنرال البالغة 77.17 بالمئة في البنك الأهلي سوسيتيه جنرال مضيفا أنه سيقدم عرض شراء إلزامي للحصة المتبقية من البنك المصري بنفس السعر المتفق عليه مع سوسيتيه جنرال فور الحصول على الموافقات التنظيمية اللازمة.
ومثل منافسيه المحليين (بي.إن.بي باريبا وكريدي اجريكول ) فإن سوسيتيه جنرال عمد على مدى العام المنصرم إلى بيع أصول وخفض الوظائف لتعزيزات احتياطياته الرأسمالية ورفع قيمته في سوق الأسهم في مواجهة التباطؤ الاقتصادي العالمي وأزمة ديون منطقة اليورو.
ولاقى قرار سوسيتيه جنرال بعض الاستغراب من قراره ببيع الوحدة المصرية على الرغم من أنها أحد أفضل أصوله في الخارج آداء.
تقول أونا جالاني من خدمة «رويترز بريكنج فيوز» لقد أدى تجميد المركزي المصري لعملية منح تراخيص جديدة لفترة طويلة إضافة إلى آفاق النمو في بلد عدد سكانه 80 مليون نسمة ونسبة تشبع السوق بالخدمات البنكية عشرة في المئة فقط إلى تمتع البنوك المصرية بتقييمات أعلى من مثيلاتها في أسواق ناشئة أخرى.»
وتتابع جالاني:»وتتقبل قطر بدرجة أكبر مخاطر الشرق الأوسط مقارنة مع نظرائها الغربيين. وهناك أيضا تقارب بين قطر وبين القادة الإسلاميين الجدد في مصر. وتعد هذه الصفقة دليلا جديدا على الفرصة التي أتاحها الربيع العربي لبنك قطر الوطني لقطع خطوة كبيرة تجاه هدفه بعيد المدى لأن يصبح علامة تجارية جذابة وأكبر بنك في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتبلغ القيمة السوقية للبنك 25 مليار دولار وقد قام بالاستثمار مؤخرا في ليبيا والعراق ويظل حريصا على دخول سوقي تركيا والمغرب من أجل التنويع خارج السوق المحلية التي تشهد تباطؤا. وعليه فإن الخروج المشرف لسوسيتيه جنرال يصب في مصلحة قطر.»
وعلى الجانب الآخر, وافق بي.إن.بي باريبا أكبر بنك مدرج في فرنسا على بيع ذراعه المصرية لبنك الإمارات دبي الوطني مقابل 500 مليون دولار ليصبح أحدث بنك من البنوك الفرنسية التي تتخارج من عملياتها في مصر لدعم رأسمالها.
وتتيح الصفقة للإمارات دبي الوطني المملوك بحصة أغلبية لحكومة دبي فرصة لتوسعة أنشطته التي تتركز على دبي بعدما تضرر في الفصول القليلة الماضية بسبب تعرضه لكيانات مثقلة بالديون مرتبطة بحكومة دبي أعادت هيكلة ديون بمليارات الدولارات.
وقال جان بيير لامبرت المحلل لدى شركة كيف بروييت اند وودز «عامل الجاذبية في مصر للبنوك الفرنسية كان النمو المتسارع للقطاع.
«غير أن وحدة بي.إن.بي كانت صغيرة بالمقارنة مع وحدة سوسيتيه جنرال. وخروج سوسيتيه جنرال من مصر كان فرصة لتوفير رأس المال للالتزام بمتطلبات بازل 3.»
من ناحيته قال مصدر مصرفي مطلع إنه بعدما توصل كل من سوسيتيه جنرال وبي.إن.بي لاتفاق على بيع أنشطتهم في مصر فقد تنصرف الأنظار الآن إلى كريدي أجريكول الذي يملك 60 بالمئة من كريدي أجريكول مصر.
وأضاف المصدر الذي اشترط عدم نشر اسمه لأن الأمر غير معلن «دارت بعض المناقشات غير الرسمية بشأن ذلك الأصل. نتوقع أن يعرض للبيع قريبا.»