انصب البيان الختامي لاجتماع وزراء الداخلية العرب قبل أيام، في مجمله على ما يحيط بالمنطقة من منغصات، تهدد استقرار المنطقة. وأكد البيان: «أن من أبرز ما تتعرض له المنطقة العربية، تلك الممارسات الإيرانية، رغم الكثير من المحاولات الخليجية؛ لرأب الصدع»، فإيران مع الأسف خطت خطوات كبيرة في إطار تعزيز دورها الإقليمي، واستغلال الأحداث بما يحقق أطماعها في تعزيز وجودها الدولي؛ لتشكل تصرفاتها عبئا على المنطقة، الأمر الذي زاد من أزماتها المتلاحقة، ومن ذلك: المساس بأمن منطقة الخليج، الذي أصبح من أكثر مناطق العالم التهابا.
استطاعت إيران أن تسوق نفسها، وتفرض أجندتها، وتحقق أهدافها عبر الغطاء الديني، والمذهبي، وإن جنحت نحو التصالح ظاهريا، وسياسيا، إلا أن اعتمادها على قوتها العسكرية، وخلاياها التجسسية الناعمة، واحتلال الجزر الإماراتية، وتحريض شيعة دول المنطقة على حكوماتهم، إضافة إلى مضيها في برنامجها النووي، شكّل عبئا متواصلا في سياق استعراضات القوة، والتهديد.
لا زلت أذكر إجابة قائد الثورة الإيرانية آية الله روح الله الموسوي الخميني، حين سُأل عن انعكاسات الثورة الخمينية على دول الخليج، فقال: «لا توجد حادثة في عالم اليوم في أي نقطة، تقع بدون تأثير على المناطق الأخرى، ومن المسلم به أن نتائج تصدير هذه التجارب، لن يكون غير الازدهار، والنصر، والاستقلال، وتطبيق الأحكام الإسلامية بين الشعوب المكبلة، ونحمد الله أننا نتقدم بمذهبنا إلى الأمام، وسوف ننشر مذهبنا في جميع البلدان الإسلامية»، فالمخطط الذي تسعى إيران لتحقيقه بلا شك -، هو السيطرة على دول المنطقة، وبسط نفوذها عليها، والتمادي في سياسات فرض، وتكريس احتلالها، وتغيير تركيبتها الديموغرافية.
حتى هذه اللحظة، فإن الظروف الدولية، والإقليمية، حالت دون أن تحقق إيران أطماعها التوسعية، مما جعل صانع القرار الإيراني في ارتباك، وحيرة من أمره بين تحقيق متطلبات الأهداف الأيديولوجية، وبين ما تمليه الأطماع الإيرانية القومية في هذا الباب، وهو ما أشار إليه الأستاذ عزت عبد الواحد سيد، بأن تلك الأسباب: «غيرت من مصادر التهديد للدولة الإيرانية، والفُرص السانحة أمام النظام الإيراني، فقد أحدثت تحوُلات كبيرة، وسريعة في المجتمع الإيراني، وأثرت على إطارها الجغرافي، والإقليمي، بل وكان لها صداها الدولي العالمي».
رغبة في التهدئة، فقد أحسنت قمة وزراء الداخلية العرب صنعا، عندما وضعت التهديدات الإيرانية في عين اعتبارها، وشددت على أن الأمن، والاستقرار في منطقة الخليج، يمثل أولوية في سياسة دولها المتزنة، والتي تستمد مبادئها من ميثاق الأمم المتحدة، وأحكام القانون الدولي ؛ لنزع فتيل التوتر، وتجنيب المنطقة ويلات حرب مدمرة. فارتياد آفاق واسعة من التكامل، والتنسيق، والتعاون، سيولد مناخا جديدا؛ لترسيخ حيوية هذه العلاقات بين دول المنطقة.
drsasq@gmail.comباحث في السياسة الشرعية