كنت في طريق العودة مساء يوم الأربعاء الماضي قادماً من (طيبة الطيبة، طابة، أرض الله، البلد، قبة الإسلام، الدار، مدخل الصدق، المسكينة، مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم).. بعد أن تشرفت بحضور محاضرة - الجوانب الإنسانية في شخصية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز - رحمه الله، والتي ألقاها صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز نائب وزير الدفاع مساء أمس الثلاثاء 7-5-1434هـ تجاذبني حينها وأن أفكر في المقال القادم.. ترى، هل أكتب عن:
• المعصوم.. والعاصمة.. أو عن
• الجامع.. والجامعة.. أو عن
• المتحدث عنه.. والمتحدث.
وتوقف حبل التفكير عندي عن البحث فيما قيل أو كان، وإذ بي أسجل خواطر عابرة أملها عليّ عبق روح المدينة الذي يسري بي وما زال، هذه الخواطر هي بإيجاز:
• من أراد أن يغسل نفسه، ويطهر أدرانه، ويعيد لصفحة ذاته بريقها، فليذهب إلى المدينة المنورة وليعش لذة السكون والطمأنينة في رحب الحرم المدني، وليقف بين يدي الرب في الروضة الشريفة إن استطاع، فـ”ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي”، وليكن له شرف السلام على النبي” المعصوم بأبي هو وأمي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
• من أراد البركة في الوقت والولد والمال والصحة و... فليكن في المدينة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم اجعل بالمدينة ضعف ما جعلت بمكة من البركة).
• من أراد الظفر بأجر الآخرة فليحرص على الصلاة في المدينة، (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام).
• من أراد أن يتأمل في صفحات التاريخ حية على أرض الواقع فليقف على شعاب وجبال وطرق وبيوت المدينة المنورة، وليربط بين ما يراه وما قرأه أو سمعه من قبل، ومتى صحب أحداً من أهلها العارفين بملحمة التاريخ في تنقله بين جنبات “المكان” فسوف يعرف ماذا تعني هذه الأرض الطيبة في خارطة عالمنا الإسلامي، وسيجزم بأنها بالفعل عاصمة ثقافتنا الإسلامية عبر التاريخ، ليس شعاراً يرفع هذا العام وينتقل في الأعوام القادمة إلى دولة أخرى وفي أكثر من قارة ولكن حقيقية تجسدت تراثاً ما زال شاهداً على ما كان.
• من أراد أن يعرف إنسان المدينة بطيبته ودماثة خلقه ورقي تعامله وسلامة صدره ونقاء سريرته فليتعرف عليه عن قرب وفي داره، فهم أحفاد الأنصار أكرم خلق الله قاطبة، وهم من اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجوع معهم بعد حنين (... أترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم، لولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار، ولو سلك الناس وادياً وشعباً لسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعار والناس دثار، إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض”، زاد في حديث أبي سعيد “اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار. قال الراوي: فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله قسماً وحظاً).
• من أراد أن يعرف حقيقية ورسالة ومسؤولية بلادنا المملكة العربية السعودية فليزر الجامعة الإسلامية التي يدرس فيها الآن طلاب مسلمون من 160 مائة وستين دولة!!، وليقرأ تاريخها منذ خمسين عاماً وحتى اليوم وإلى الغد بإذن الله، وليقابل من تخرج فيها حين سفره وترحاله في شرق الأرض وغربها، شمالها وجنوبها، وليتذكر أن لنا خصوصية ومزية رغم ما قيل وما قد يقال عن نفي هذه الخاصية في زمن العولمة والتقاطعات البشرية السريعة والعجيبة.
• من أراد أن يعرف مفاهيم القيادة الناجحة، ويتعلم فن الإدارة درساً عملياً، ويقرأ منهجية التغير الأمثل في حياة المؤسسة سواء أكانت حكومية أو خاصة أو حتى أهلية فليسبر سيرة معالي مدير الجامعة الإسلامية الأستاذ الدكتور محمد بن علي العقلا في نهجه الإداري منذ صدر الأمر السامي الكريم رقم أ/31 والمؤرخ في 3-3-1428هـ وحتى تاريخه، فهو أنموذج قيادي إداري أكاديمي متميز بحق.
• و(من استطاع منكم ألا يموت إلا بالمدينة فليمت بها فإني أشفع لمن مات فيها).
دمتم بخير، وإلى لقاء الخميس -بإذن الله- حيث الحديث عن “الجوانب الإنسانية في شخصية سلطان بن عبدالعزيز”، وتقبلوا جميعاً صادق الود والسلام.