|
الجزيرة - علي بلال:
تواصل (الجزيرة) نشر معالم رحلة السفراء للربع الخالي.. وفي الجزء الثالث من سلسلة الحلقات يتحدث السفراء عن مضامين الرحلة الصحراوية والمغامرات والمواقف المفزعة والفكاهية لتلك الرحلة التي خلقت جواً من التآلف والتلاحم بين أعضائها من الدبلوماسيين والسفراء ومتَّنت من وشائج الأخوة بينهم فكانت خاتمة الرحلة تعبر عن ذلك بكل وضوح حيث ساد البكاء والنحيب، فودَّع السفراء بعضهم البعض في آخر يوم للعودة للرياض بالدموع الحارة والحزن لحظة الافتراق بعد رحلة ممتعة وشيقة.
وحول كيفية مواجهة التغريز قالوا: كنَّا نستخدم وايرات قماش لسحب السيارة المغرزة في الرمال لأنها خفيفة وقوية وإذا رأينا التغريزة قوية نسحب السيارة المغرزة بثلاث أو أربع سيارات على شكل مقطورة حتى لا تتجاوز المدة عدة ثواني.
وعن صحن الكبسة الذي نحرص على طبخها ليلياً بالإضافة إلى طبخات أخرى فكل ليلة تقوم جنسية بإعداد وجبة فالسفير البريطاني أعد وجبة اسمها «هاقس» وهي وجبة موغلة بتراثهم وهي عبارة عن مصران محشية بالكبدة واللية حيث قام بتقطيع الوجبة وهو يقول الشعر.
أما النوم في الربع الخالي من أجمل ما يكون وفيه إشادة من جميع الموجودين بأن النوم في الربع الخالي لا يضاهيه نوم لأن نسبة الأوكسجين فيه عالية لدرجة إني لا أذكر قد حلمت أثناء منامي في الربع الخالي من عمق النوم وكل مجموعة الدبلوماسيين شعروا بنفس الشعور، حيث ننام من الساعة الثامنة مساء ونستيقظ الساعة الرابعة فجرا بدون أجراس.. والليالي التي قضيناها في الربع الخالي كان القمر مكتملاً والصباح من الصباحات الجميلة فالقمر يغرب من هنا والشمس تشرق من هنا فالمجموعة تقول نحن لم نشاهد هذا المنظر إطلاقا ونحن في منطقة مفتوحة نشاهد الشمس والقمر.
ويمتاز «الربع الخالي» بنبتاته التي نستدل بها على الأماكن مثل نباتات الشنان، ونباتات «الحاذ» وهو يشبه العرفج، ونباتات «العبل»، كذلك نبات الزهر ذو رائحة فواحة ولونها أصفر.
ولقد واجهنا أناساً بالاتجاه الآخر في سيارة وقد يكونوا قناصة ولم يحصل لنا اللقاء بهم.
وفي اليوم الثالث توجهنا لمنطقة اسمها «أم قرون» وهي عبارة عن بئر ارتوازية حفرتها شركات أرامكو على عمق حوالي 1000 متر قبل حوالي 70 سنة وهي تجري من تلك الفترة بعملية ضخ ذاتي بدون توقف ومياهها حارة كبريتية ذو رائحة كبريتية قوية نفاثة لكن بعد تبريدها تصبح صالحة للاستخدام.. فنحن اغتسلنا وأعدنا تعبئة الجوالين منها.. فالربع الخالي على عكس ما يعتقد مياهه غزيرة جدا.. وحددنا بأن يكون موقعنا بجوار البئر تلك الليلة بمسافة 5 كيلو مترات.. ولكن في هذه المنطقة حصلت لنا حادثة هزتنا عندما طلعت مع أحد الدبلوماسيين في السيارة لغرض صيد الأرانب ومعنا 4 كلاب سلق وبعدنا عن الموقع حوالي 15 كيلو متراً واللواء محمد الخميس كذلك طلع مع إحدى المجموعات للاحتطاب ومن ضمن المجموعة المتبقية السفير الأسترالي نيل هاكنس يجيد التحدث باللغة العربية وتفاجأت بنداء من المجموعة الموجودين في الموقع أن جاءتهم سيارة يستقلانها اثنان من الشباب فأصابني الرعب ما أدري من هؤلاء وماذا يريدون والوصول إليهم فيه مخاطرة لوعورة الطريق.. لكن الأستاذ محمد كان أقرب للموقع بحوالي 6 كيلو مترات.. وصل قبل أن أصل وكان يطمئنا بواسطة النداء بأن هؤلاء قناصة يريدون التعرف علينا وليس لديهم أغراض أخرى.
وحول الأسلحة قالوا لدينا أسلحتنا الشخصية، والله لا يحوجنا إليها، وصلت الموقع ولم ألتق بهم وأخذت المعلومات كاملة وتتبعت أثر سيارتهم على مسافة 10 كيلو مترات وجدتهم وتعرفت عليهم وكانوا شباباً طيبين من مدينة الرياض.
وحول اختلاف التضاريس في الربع الخالي قالوا نعم وجدنا اختلافاً في التضاريس والربع الخالي مهيب للذي يزوره أول مرة لكن من واقع الخبرة نعرف من أين نقطع حبال الرمال والمنحدرات التي تصل أحيانا إلى 70 درجة ونحن نتعامل معها بكل سهولة.. وفي اليوم الرابع كانت التضاريس شديدة وكنا نريد التوجه إلى منطقة اسمها «المنجور» وهي منطقة متاخمة بالكثبان الرملية وتوجد بالقرب من حدود سلطنة عمان بمسافة 200 كيلو متر والمسافة التي نقصدها تبعد عن الحدود 60 كيلو متراً.. كذلك توجد منطقة اسمها «القعد» وهي مسطحات بحيرات جافة وتصل كثبانها الرملية إلى ارتفاع حوالي 300 متر.
هل بداخل هذه التضاريس فوهات؟
لا.. وإنما أهرامات من الرمال وعددها تفوق الـ(200) وكل واحدة محيطها يتراوح ما بين 3 إلى 5 كيلو مترات وهي من أجمل مناطق الربع الخالي وهي المنطقة المخطط أن نوصل لها الليلة الخامسة.
وعن الغفوة أثناء في أوقات الظهيرة قالوا لا .. لأن كل شخص لا يريد أن يفقد شيئاً من وقته وكانت المجموعة سعيدة وفرحة ومبسوطة ومتعاونة إلى أبعد درجة وسعيدين بأنهم في الربع الخالي.
وحول أجهزة الأتصال قالوا كان لدينا أجهزة «ثريا» فقط لأن الجوال لا يعمل إطلاقا في الربع الخالي وأنا لا أحب الاتصالات لأني لا أفيد أحداً ولا أحب أن أسمع خبراً يزعجني.
- بعد منطقة «القعد» و»المنجور» أين اتجهتم.. وكيف قضيتم أوقاتكم هناك؟
ذهبنا لمنطقة اسمها «ذعبلوتن» وهي منطقة تقع على حدود سلطنة عمان تسكنها قبيلة «الرواشدة» وأميرها يطلق عليه «بن كلوت» وهو أحد الدلائل مع الرحالة البريطاني «تيشيجر» وهذه المنطقة أعتبرها أصعب منطقة وعورة في الربع الخالي لأن الوصول إليها من مكان لآخر يحتاج لوقت يقدر بحوالي 5 ساعات لوجود الكثبان الرملية.. وهي المنطقة التي أنقذ فيها حرس الحدود السعودي الأوروبيين الذين ضاعوا خلال قدومهم من سلطنة عمان.. وهذه المنطقة من المناطق الجميلة التي قضينا فيها ليلة جميلة.. ثم توجهنا إلى منطقة مشهورة اسمها «بيضاء لحي» وهي واحة بها أشجار ومياه ولكن لما وجدنا المياه مغلقة ولم نستطع الوصول لفتحها اتجهنا لشمال هذه المنطقة وحصل لنا موقف عطل إحدى السيارات وقمنا بإصلاحه وسرنا حوالي 70 كيلو متراً عن منطقة «بيضاء لجي» وتوقفت السيارة تماما وكانت الساعة حوالي الساعة الواحدة ظهرا وتشاورنا بأن يكون مبيتنا مكان عطل السيارة حتى نقوم بإصلاحها، وكانت ليلة جميلة قمنا بصيد اثنين من الأرانب وتناولنا طعام العشاء وأصلحنا عطل السيارة وفي الصباح الباكر تناولنا وجبة الإفطار ثم توجهنا إلى منطقة «الكامب» ويوجد بها بئر اسمها «الفوار» وتفاجأنا بكثرة أثر عجلات السيارات.. ثم وجدنا منطقة «الكدن» وهي منطقة مفتوحة كان بها شركة وقد أخليت بالتاريخ الفلاني ووجد بها بركة طولها 50 متراً وعرضها 50 متر مليئة بالمياه.
وكانت توجد بها شركة ولما انتهت من عملها أخذت جميع مستلزماتها وبقيت آثارها من مواسير وشبوك وغيرها.. و»الكامب» طريق معبدة رصفتها شركات الغاز تقع في الجهة الشرقية من الربع الخالي.. ثم اتجهنا إلى مكان اسمه «شبيطة» وهي مركز حدودي قديم لا يقطنه أناس، وهي منطقة خدمية لشركات حيث يوجد بها محطة بنزين وبقالة وبعض مواقع تلك الشركات، وتوجهنا إلى الرياض وكان لنا ليلة أخيرة توقفنا في مكان يبعد عن طريق حرض البطحاء وعن الإمارات العربية المتحدة حوالي 100 كيلو متر جنوبا.. حيث توجهنا إلى منطقة اسمها محطة «الحصان» تقع جنوب طريق حرض البطحاء بحوالي 100 كيلو متر وهي منطقة غنية بنبات «الغضا» وبدأ الأسى والتأسي على انتهاء الرحلة وأصبحنا نودع البعض ونسير إلى الرياض بتثاقل شديد حتى وصلنا إلى موقع انطلاقتنا وهو منزل الأخ محمد وكان الوقت الساعة الرابعة عصراً.
مع قرب انتهاء الرحلة في الربع الخالي ولمدة تسع ليالي كانت المجموعة حزينة لما وجدوه من استمتاع وتم التقاط الصور التذكارية وكأننا نعرف بعضنا البعض من عشرات السنين.. والتقينا في منزل السفير الدنماركي بعد 10 أيام من رحلتنا وكان اللقاء جميلاً كل الحديث عن الرحلة السابقة وذكريات الربع الخالي.. وتضمن اللقاء الاستعداد للرحلة القادمة وبالإجماع.. وتفاجأت عندما علمت أن اثنتين من زوجات الدبلوماسيين بكتا على فراقهن الربع الخالي.
- الرحلة القادمة سوف نرافقكم!
الله يحييكم لا بد من حضور الإعلام لنقل الصورة كما هي.