حتى تُعارِض يجب أن تحمل فكرة مختلفة، أو تدافع عن قضية «مقدسة»، أو تحوِّلها إلى «مقدسة» على الأقل، أو أن تضخم الاستياء، أو تزيد الإحباط، وتتلاعب بالمشاعر.
من سنوات الصحوة إلى مرحلة الاعتدال.. رحلة ليست قصيرة، تخللها السجن. ولأن الغاية تبرر الوسيلة، والغاية هنا «الزعامة»، والوسيلة «الدين»، وللوسيلة تلك وسائل كثيرة تتغير مع تغير الأحداث،
وتتطور مع النمو الفكري والثقافي للمجتمع، أعلن «المفكر» انفتاحه، واعترف بأنه تغير! خاطب مجتمعاً أوسع من مجتمع مسجده ومنطقته، ناقش القضايا بمنظور مختلف، ظهر في قالب مغاير عن قالب المفتي التقليدي، مثل ببراعة دور «المفكر» الذي يقود الأمة، وهو مقتنع بداخله أنه الزعيم الذي يحسب له ألف حساب!
لقد خسر المفكر أتباعه المتحمسين من المتطرفين، الذين كانوا مخالب للصحوة الإسلامية في الثمانينيات والتسعينيات، وكسب بما يمكن تسميته «ذكاء» جموعاً من المفكرين والكتّاب، وطبقات كانت بعيدة أو مناهضة لما كان يقدمه «المفكر» وزملاؤه الوعاظ في ذروة حراكهم الصحوي الذي أسس لثقافة دينية عنيفة.
لبس «المفكر» ساعته في اليد اليسرى، وارتدى ما لم يكن يرتديه من زينة، واستولى على الوقت الذهبي للمشاهدة في برنامج «مؤثر». الكل أقسم بأن الشيخ «المفكر» ينطق ذهباً! أين ذهب ماضيه، وكيف جاء الذهب؟! ذهب الماضي ظاهرياً، لكن بقيت الدوافع التي شكّلت ثوريته آنذاك. الثورية دافعها حب التسيد والزعامة، وليس المبدأ، وأؤكد على ذلك. الظهور والصيت والجماهيرية جعلته متسامحاً مع السلطة، وعندما ذهب عنه الحضور الإعلامي جن جنونه!
ولأنه انتهازي، يريد أن يكون الحقوقي الذي ظلمته السلطة! والفقيه الذي يريد حماية الدين! والسياسي الذي يحسن قراءة الواقع ويستشرف المستقبل! والمفكر، الزعيم، الذي تتحرك خلفه شعوب الأمة الإسلامية!
جاء الربيع «المزعوم».. كان يمتدح نظام ابن علي في تونس قبل الثورة؛ لأن صهر الرئيس السابق كان ينوي مشاركته في إنشاء إذاعة دينية هناك، وعندما رأى أن من الواجب الحفاظ على الجماهير المتحمسة صب جام غضبه على ابن علي ونظامه، ليس من أجل تونس، ولا لأن ابن علي سيئ في نظره، ولكن لأنه يريد النجاة من ثوار قد يخسرهم، ويفقد الوهج الإعلامي وسط أحداث متقدة.
فقد المكان، وأراد الحفاظ على المكانة!.. كتب العرائض المعارضة للدولة! وكأن القضايا لم تولد إلا بعد أن فقد برنامجه التلفزيوني!! وأصبح يؤلب بشكل مباشر أو غير مباشر، وكـأنه ينتقم ممـن تسبب في إبعاد الضوء عنه. أصبح يستجدي الضوء بأسلوب مقزز، أثبت تلهفه للزعامة، وعدم احترامه للمبادئ التي تحدث عنها كثيراً في كل المراحل التي مر بها.
عندما جاء الإخوان إلى الحكم في بلدان عربية، قال: آن الأوان. تحرك باتجاه تسييس الخطاب وتلغيمه وتسميمه؛ ليقول بصراحة: «أنا معارض». يزايد ويكذب ويستغل العقول التي استسلمت للعسل، ولم تدرك السم القاتل الذي يحتويه.
يطرح قضايا مثل الإسكان والصحة، ويتعمد تسخين هذه القضايا؛ لأن تقديس القضايا من هذا النوع سيجعل معارضته مقدسة! وخصوصاً أنها ترتدي ثوب الدين!
لم يستوعب الخسارة التي خسرها، وأراد أن يعود على حصان المبادئ! وبدأ يتحدث عما يسمى «قضية الموقوفين» وقضايا أخرى بأسلوب أكثر قسوة، وكأنه يقول «الليلة أعلنها.. أنا معارض سياسي».
خانه الذكاء؛ فالوقت كشف حقده على دولته وحكامها، ويريد تأليب أبناء منطقته والمتعاطفين معه والمتحلقين حوله لخلق حالة جديدة، ويقود تطوراً جديداً في المعارضة؛ ليخدم الجماعة التي ينتمي لها فكرياً، والتي انكشفت وخسرت الشارع في دول أخرى.
وفي هذا التوقيت، وبعد أن سقط الربيع المزعوم، يريد أن يحييه هنا! في البلد الذي لا يحترم الانتهازيين والخونة والحاقدين.
أساء لوطنه وأبناء وطنه عندما تعرض «المفكر» لشهداء الواجب الكرام، واستهان بهم، وقلل أهمية ما قدموه، وغازل التفجيريين الذين طردوه لعله يعود.. أما المجتمع فسيقول: لا للعودة.
وتتطور مع النمو الفكري والثقافي للمجتمع، أعلن «المفكر» انفتاحه، واعترف بأنه تغير! خاطب مجتمعاً أوسع من مجتمع مسجده ومنطقته، ناقش القضايا بمنظور مختلف، ظهر في قالب مغاير عن قالب المفتي التقليدي، مثل ببراعة دور «المفكر» الذي يقود الأمة، وهو مقتنع بداخله أنه الزعيم الذي يحسب له ألف حساب!
لقد خسر المفكر أتباعه المتحمسين من المتطرفين، الذين كانوا مخالب للصحوة الإسلامية في الثمانينيات والتسعينيات، وكسب بما يمكن تسميته «ذكاء» جموعاً من المفكرين والكتّاب، وطبقات كانت بعيدة أو مناهضة لما كان يقدمه «المفكر» وزملاؤه الوعاظ في ذروة حراكهم الصحوي الذي أسس لثقافة دينية عنيفة.
لبس «المفكر» ساعته في اليد اليسرى، وارتدى ما لم يكن يرتديه من زينة، واستولى على الوقت الذهبي للمشاهدة في برنامج «مؤثر». الكل أقسم بأن الشيخ «المفكر» ينطق ذهباً! أين ذهب ماضيه، وكيف جاء الذهب؟! ذهب الماضي ظاهرياً، لكن بقيت الدوافع التي شكّلت ثوريته آنذاك. الثورية دافعها حب التسيد والزعامة، وليس المبدأ، وأؤكد على ذلك. الظهور والصيت والجماهيرية جعلته متسامحاً مع السلطة، وعندما ذهب عنه الحضور الإعلامي جن جنونه!
ولأنه انتهازي، يريد أن يكون الحقوقي الذي ظلمته السلطة! والفقيه الذي يريد حماية الدين! والسياسي الذي يحسن قراءة الواقع ويستشرف المستقبل! والمفكر، الزعيم، الذي تتحرك خلفه شعوب الأمة الإسلامية!
جاء الربيع «المزعوم».. كان يمتدح نظام ابن علي في تونس قبل الثورة؛ لأن صهر الرئيس السابق كان ينوي مشاركته في إنشاء إذاعة دينية هناك، وعندما رأى أن من الواجب الحفاظ على الجماهير المتحمسة صب جام غضبه على ابن علي ونظامه، ليس من أجل تونس، ولا لأن ابن علي سيئ في نظره، ولكن لأنه يريد النجاة من ثوار قد يخسرهم، ويفقد الوهج الإعلامي وسط أحداث متقدة.
فقد المكان، وأراد الحفاظ على المكانة!.. كتب العرائض المعارضة للدولة! وكأن القضايا لم تولد إلا بعد أن فقد برنامجه التلفزيوني!! وأصبح يؤلب بشكل مباشر أو غير مباشر، وكـأنه ينتقم ممـن تسبب في إبعاد الضوء عنه. أصبح يستجدي الضوء بأسلوب مقزز، أثبت تلهفه للزعامة، وعدم احترامه للمبادئ التي تحدث عنها كثيراً في كل المراحل التي مر بها.
عندما جاء الإخوان إلى الحكم في بلدان عربية، قال: آن الأوان. تحرك باتجاه تسييس الخطاب وتلغيمه وتسميمه؛ ليقول بصراحة: «أنا معارض». يزايد ويكذب ويستغل العقول التي استسلمت للعسل، ولم تدرك السم القاتل الذي يحتويه.
يطرح قضايا مثل الإسكان والصحة، ويتعمد تسخين هذه القضايا؛ لأن تقديس القضايا من هذا النوع سيجعل معارضته مقدسة! وخصوصاً أنها ترتدي ثوب الدين!
لم يستوعب الخسارة التي خسرها، وأراد أن يعود على حصان المبادئ! وبدأ يتحدث عما يسمى «قضية الموقوفين» وقضايا أخرى بأسلوب أكثر قسوة، وكأنه يقول «الليلة أعلنها.. أنا معارض سياسي».
خانه الذكاء؛ فالوقت كشف حقده على دولته وحكامها، ويريد تأليب أبناء منطقته والمتعاطفين معه والمتحلقين حوله لخلق حالة جديدة، ويقود تطوراً جديداً في المعارضة؛ ليخدم الجماعة التي ينتمي لها فكرياً، والتي انكشفت وخسرت الشارع في دول أخرى.
وفي هذا التوقيت، وبعد أن سقط الربيع المزعوم، يريد أن يحييه هنا! في البلد الذي لا يحترم الانتهازيين والخونة والحاقدين.
أساء لوطنه وأبناء وطنه عندما تعرض «المفكر» لشهداء الواجب الكرام، واستهان بهم، وقلل أهمية ما قدموه، وغازل التفجيريين الذين طردوه لعله يعود.. أما المجتمع فسيقول: لا للعودة.
Towa55@hotmail.com@altowayan