البطالة تحدث عنها القاصي والداني الكبير والصغير الذكر والأنثى كتب عنها صفحات وعقد لأجل هذا المرض المعضل والمخيف العديد والعديد من المقالات والكتب. إلا أن المشكلة في مجتمعنا لم يُحدد بعد سببها هل هو وزارة العمل أم ديوان الخدمة المدنية أم وزراة المالية أم هو القطاع الخاص وأصبحت دائرة مفرغة يحوم حواليها المجتمع بأسره إلا أن الحلول لم تظهر لنا ولم نرها على أرض الواقع للأسف منذ إقرار برنامج السعودة في المملكة العربية السعودية قبل سنوات الذي فشل من وجهة نظري ولم يؤت ثماره التي نطمح لها ونرجوها خوفا على أمن المجتمع وكذلك لتأمين مستقبل الشباب الذي يطمح في الحصول على دخل مناسب من خلاله يؤسس أسرة ويؤمن حياة كريمة لأسرته. كتبت عن القطاع الخاص ودوره في احتواء شبابنا وأنه الابن المدلل من خلال الدعم الحكومي للقطاع الخاص المتمثل بقروض صناعية وهبات عقارية لإقامة المصانع إلا أن القطاع الخاص يرفض توظيف الشباب ويظهر ذلك جليا من خلال الرواتب المتدنية للشباب بالإضافة إلى الضغوط التي تواجه الشباب في العمل كأن يكون الرئيس وافدا بمعنى يترأس على الشباب السعودي ويكيل له بمكيالين خوفا على موقعه في العمل.
خطوة وزارة العمل التي أقرت مؤخرا وبشكل صارم أن تتم سعودة النشاط التجاري. انتابتي شعور من الغبطة والفرح وحين تدخل شارع الاتصالات في حي المرسلات في الرياض فسوف تجد أن أغلب المحلات خاوية على عروشها إلا من أعداد قليلة من الوافدين وأنا أترجل بين تلك المحلات الصغيرة (الكشكات) ليسوقني القدر إلى شباب سعودي في عمر الزهور لا تتجاوز أعمارهم العشرين سنة والزبائن تتحاذف عليهم من كل حدب وصوب لأدخل معهم في الموضوع وأصل إلى هذين الشابين وأسألهم عن خدمة يقدمونها لي في جهاز اتصالي الجوال فقال لي أحدهم رسوم تلك الخدمة خمسون ريال ليتنابني فضول للتأكد من أنه سعودي وهو ما أخبرني به ذلك الشاب، فرحتي بذلك الشاب دفعتني إلى أن أقول له سوف أعطيك مئة ريال لأنك سعودي فقال لي بالعامية (قدام) بمعنى موافق وبإصرار.
حلت صلاة العشاء وإذا بي أمسك يد أحد هذين الشابين لأقف معه دقائق ليخبرني بشيء يجب على شبابنا أن يعوه ويدركوه أنهم ومصادفة من طلاب الكلية التقنية في الرياض مقر عملي وأنهم يعملون في ذلك المحل الصغير فقط لمدة لا تتجاوز أربع ساعات أي من بعد صلاة العصر إلى الساعة التاسعة، وعن سؤالي عن الدخل اليومي قال لي إنه من أربعمائة ريال إلى خمسمائة ريال أي ما يعادل من اثني عشر ألف إلى خمسة عشر ألف ريال في الشهر. وأنهم عانوا الأمرين قبل هذا القرار من وزارة العمل في الحصول على مكان من خلاله يمارسون تلك المهنة التي تدر عليهم دخلاً كهذا، يقول لي أحد الشابين إنهم كانوا محاربين من قبل العمالة الوافدة كلما حاولوا الحصول على (كشك).
هل يستمر الحال على ما هو عليه وتصر وزارة العمل بالتعاون مع الجوازات للقبض وترحيل من يخالف ذلك وهو ما تأكدت منه حيث شاهدت أحد العمالة الوافدة يجمع بضاعة من أحد المحلات الصغيرة وعند سؤاله قال لي إن صاحب المحل في قسم الترحيل في الجوازت وطلب مني أن أتصرف بالبضاعة قبل ترحيله.
نتمنى كمواطنين يخشون على اقتصاد بلدهم وهمهم هو مستقبل أبنائهم أن يتم تطبيق مثل هذه القرارات على المجالات الأخرى غير المسعودة لإتاحة الفرصة لمثل أولئك الشباب لممارسة التجارة التي أجزم يقينا أن كثيرا من الشباب يتمنى فسح المجال له لممارستها.
Vip931@hotmail.com @BandrAalsenaidiإعلامي محاضر لغة إنجليزية الكلية التقنية الرياض