في البدء أدعو إخوتي زملاء الحرف إلى الرُقي في الطرح الكتابي وفق قاعدة (أمانة القلم ومسؤولية تنوير المجتمع)، فعلى عاتق الجميع تقع مسؤولية ما ينثرون من مداد أقلامهم، ولن أُخفي سراً إذا ما قلت إن المتلقي من فئة الشباب سواء من كان له ارتباط مباشر بالرياضة عشقا وممارسة وتعاطيا ومن لم يكن كذلك، أضحوا أكثر وعيا بل لعل الكثير منهم قد وسع الفارق بين ما يُكتب في أمور (أقل ما توصف بأنها تافهة) وبين نضج فكري لدى شباب ومجتمع رياضي بات يدرك أفراده غث ما يكتب من سمينه.. أقول ذلك حتى لا تتسع (الهوة) بين عقلية الشباب الطامح لمعرفة الحقيقة الباحث عنها وبين (تجويف فكر) قادته الصدف لنثر مداده (الخاوي) على صدر صفحات الصحف الورقية منها والإلكترونية!!
ولعل اخذ العِبر والدروس في حال من حولنا دولاً ومجتمعات، أدعى للتبصر في أسباب ما أصاب (عماد) تلك الدول والمجتمعات.. شبابها الذين دفعوا وما زالوا يدفعون الثمن، الثمن الذي لا ناقة لهم في (فاتورته) ولا جمل.. إلا أنهم أصغوا لإعلام اتخذ من صفة (الانفتاح) بوابة تدمر بها الشعوب وتضرب بها المجتمعات وتعم فيها الفوضى ويتزعزع فيها الأمن.. وإلا من كان يتوقع من أولئك الذين لا يُقدرون دور (الكلمة) وأثرها في تزهق الأرواح وتصدر بالمقابل أحكام تصل حد (الإعدام) لشباب في سن الزهور، والإطار الذي ضم كل تلك الصور.. هو مباراة كرة قدم.. نعم مباراة كرة قدم فقط..!!
ان ما حدث وما سبق أن تطرقت إليه بصريح العبارة في مباراة الأهلي المصري وفريق المصري البورسعيدي بمصر، وراح ضحيتها أكثر من 73 قتيلا (بحسب مديرية الشؤون الصحية في بور سعيد) ومئات المصابين. لتأتي كأكبر كارثة في تاريخ الرياضة المصرية.. وصفها من أشعلها ووقف يتفرج على تلها.. بالـ»مذبحة» أو الـ»مجزرة» ليأتي مؤخرا النطق بالحكم بإعدام 21 متهما مما ثبت تورطهم بجناية القتل، واليوم ترون الصورة والمشهد كاملا يحترق في بورسعيد وفي مصر بأكملها.. ولا تنسوا أن مسرح الأحداث كان بعد إضرام النار من أطراف مٌغيبة عن المشهد الحالي، كان المسرح.. مباراة كرة قدم..!!
هنا يأتي الربط لما قد - لا قدر الله - يقع في ساحة لا تجد إلا من يضرم النار في هشيم شباب بات منفتحا بدرجة مخيفة على الآخر.. هذا الآخر المخفي حينا والمعلن أحيانا أخرى.. في ساحتنا الرياضية يأتي (التأليب) على المسؤول بدرجة مُخيفة من (مصدرين) لا ثالث لهما.. أولهما.. فضاء لا يُحاسبه أحد يقف على بث روح التأليب بالتركيز على السلبيات التي لا ينكر وجود بعضها عاقل، لكن ليست بالمطلق كتلك الصورة المظلمة التي يحاول (دخلاء المهنة) أن يبثوها في المجتمع وكأنما الفساد يضرب أطناب المؤسسة الرياضية والشبابية مثلا وان الانهيار وما يلي ذلكم من الصور القاتمة هي المسيطرة على المشهد الرياضي..!!
نسوا أو تناسوا أن الكلمة (أمانة) وأن الفتنة أشد من القتل، الفتنة التي تطلقها أفواههم المريضة عبر الفضاء دون حسيب أو رقيب - كما أسلفت - لا لإصلاح أو نصح نعلم جميعا طريقه إن أرادوه عبر أبواب المسؤولين المشرعة منذ عهد المغفور له المؤسس جلالة الملك عبد العزيز آل سعود والى يومنا الحالي.. وليس عبر وسائل إعلام مرئي كاسد يقوم على الإثارة الرخيصة ولا يحسب عواقب تأليب الشارع ضد من يعمل بأمانة لمصلحة شباب ورياضة وطن.. بل إن نجاح المؤسسة الرياضية في اتباع كل السبل الحقيقية للإصلاح واتباع سُبل التطوير على الأرض يقلبها وبتسارع (مريب) وتيرة ازدياد النقد البعيد كل البعد عن وصف البناء والهادف بل الساعي لوأد تلك المساعي الحثيثة للرقي برياضة وطن.. معولهم في ذلك الهدم هو إعاقة حركة التنمية الحقيقة عبر برامج تركز على نقاط الضعف تضخمها وتأجج المشاعر والسخرية من العمل القائم والتقليل من شأنه بدواعي (الإعلام المفتوح) تارة واللعب على وتر الإثارة غير المحسوبة العواقب..!!
وثاني ذلكم المصدرين المُستخدمين للتأليب والتأجيج والفتنة وعدم إعطاء الفرصة التي لم يبدأ ميلها الأول بطريق الألف ميل مسؤول الرياضة والشباب، يكمن في ساحة (الإنترنت) الساحة (الدهماء) التي لن يرعوي كثير من شبابنا عن الانسياق خلف تأجيجها إلا إذا اكتوى - لا قدر الله - بنارها، وسائل التواصل الاجتماعي أتت بطفرة غير محمودة العواقب تضرم في هشيم نار الفتنة عبر اقتفاء اثر مواقع إخبارية تدس السم في العسل، ظاهرها الإصلاح وباطنها ما الله به عليم.. هنا يأتي دور كل إعلامي (مؤتمن) على مصلحة شباب ورياضة وطن، لفضح تلك الممارسات والتصدي بحزم لفكر (ظلامي) هنا وآخر (هدّام) هناك.. يأتي دور الآباء والأمهات في نصح أبنائهم وتوجيههم لما تربينا عليه من آبائنا وأجدادنا في طرق النصح والبعد عن الانسياق خلف الشائعات والتأليب والتأجيج الذي لن يأت به ناصح أمين مطلقا.. يأتي دور معلمينا ومعلماتنا في العمل كقدوة لشباب يافع حقه علينا أن نوضح ما يدار ويحاك ضده في بلد الأمن والأمان.
ذلكم في جانب رياضي لا ينفصل عن جانبه الشبابي الذي بات تعزيز (الفكر الأمني) هو حصنه المنيع لكثير مما يُثار ومما يستجد وليس بجديد على (قدوة أو كذلك يعدها بعض شبابنا المغرر بهم) ممن حملوا صفات شيخ أو داعية أو مصلح اجتماعي.. ليأتي من حمل زورا صفة القدوة تلك بطامة لن تستغرب منه بقدر غفلة (شبابنا) عن حقيقة مشروعات (النهضة) وغيرها من الأفكار الهدامة.. التي لا تجلب إلا أفكار التأليب والتأجيج وأخذ الشاب غير المحصن فكريا.. أخذه (غدرا) من دائرة عماد الأمة إلى معول هدم لا يدرك حقيقة أن العالم والداعية والشيخ وغيرهم ليسوا منزهين ولا معصومين.. ففد قيل في فضل السلف على الخلف.. كل يؤخذ منه ويرد إلا صاحب هذا القبر أي الرسول محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -.
وهنا أهيب بسمو الرئيس العام لرعاية الشباب وبسمو وزير التعليم ومعالي وزير الإعلام ورجال الحُسبة الثقاة من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بتبني (مشروع وطني لنشر الفكر الأمني) بهدف تحصين شبابنا ضد موجة (الكذب والافتراء وزعزعة أمن بلدنا وحماية شبابنا) مشروع وطني ذو أمد بعيد وأبعاد رحبة تتسع لأفق مشكلات الشباب وطرق توجيههم وتحصينهم من أفكار من يغدر بهم بمعسول قول.. وليكن البدء بالممكن المقدور عليه بشكل عاجل إقامة ورش العمل المكثفة ببيوت الشباب وإقامة البرامج التوعوية والترويج لها ورعايتها إعلامياً لتكون ابتداء لمشروع وطني كبير هدفه التحصين وغايته نشر الوعي بالأمن الفكري كضرورة يفرضها الواقع المعاصر.. والله تعالى من وراء القصد.
ضربة حرة..!!
يظل الإنسان في هذه الحياة مثل قلم الرصاص، تبريه العثرات ليكتب بخط أجمل؛ ويكون هكذا حتى يفنى القلم.. ولا يبقى له إلا جميل ما كتب!