حتماً لم تكن زيارة الرئيس الأمريكي أوباما إلى إسرائيل وفلسطين والأردن زيارة سياحية، فرغم ما تمثله «الأراضي المسيحية المقدسة» من أهمية للمسيحيين الأمريكيين الذين يحاول أوباما إظهار تمسكه بشعائرهم لتأكيد نقائه المسيحي وإبعاد الشبهات التي تثار حول أصوله الإسلامية، إلا أن زيارته لتلك الأراضي لها هدفها.
المهم أن أوباما يأتي للشرق الأوسط ليستمع -كما صرّح هو وكما يردده مستشاروه الذين يرافقونه- إلى الأطراف المعنية.
أراد أوباما من خلال الأحاديث التي أجراها في اللقاءات التلفزيونية والتصريحات التي أطلقها مستشاروه أن يخفف من سقف التوقعات التي سبقت زيارته للمنطقة باعتباره أول زيارة للرئيس الأمريكي إلى الكيان الإسرائيلي، وأنه سيستثمر هذه الزيارة لتحقيق ما عجز عنه الرؤساء الآخرون، خاصة وأنه سيكون متحرراً من الضغوط الصهيونية بعد أن فاز في فترة ثانية من الحكم.
أوباما ومن حوله أرادوا إرسال رسالة للجميع بما فيهم اليهود داخل أمريكا وإلى الإسرائيليين وإلى العرب والفلسطينيين بأنه لا يستطيع أن يفرض رأياً على الإسرائيليين والفلسطينيين ما لم يكونوا هم متفقين على تحقيق شيء ما، وبما أن نتنياهو والفريق السياسي الذي يشاركه في الائتلاف الإسرائيلي الجديد ليس له نوايا جادة لتحقيق تسوية مع الفلسطينيين؛ إذ تنقسم اهتمامات هذا الفريق بين تحسين أوضاع الطبقة الوسطى والفقيرة، ووقف الامتيازات التي يحصل عليها التوارتيون من غُلاة المتدينين الإسرائيليين الذين يرفضون الانخراط في الجيش ويستنزفون الخزينة بالحصول على مساعدات مالية باهظة.
فيما يعمل طرف آخر وهو الأكثر سيطرة على تغييب القضية الفلسطينية والقضاء على إمكانية أي حل لها وبالذات حل الدولتين وذلك بتوجيه الاهتمام نحو محاصرة البرنامج النووي الإيراني، وبالتالي فإن الرئيس الأمريكي الذي يصطحب معه وزير خارجيته الجديد جون كيري المغرم بالتفاوض وتفضيل الحوار على الحروب سيحاول ليس فقط الاستماع إلى وجهات نظر الإسرائيليين والفلسطينيين والأردنيين، بل سيعرض اقتراحات وعروضاً سياسية مصحوبة بإغراءات اقتصادية ومالية، وسيغلف كلامه بكثير من التحذيرات التي يتخوف الإسرائيليون منها لأنهم يعلمون أن لأوباما هدفاً من وراء هذه الزيارة وليس للاستمتاع بمناظر تل أبيب كما اقترح نتانياهو على الرئيس الأمريكي في خطابه أمام إحدى وحدات القبة الحديدية، وبعد أن يُسمِّعُ آراءه واقتراحاته لنتنياهو ومحمود عباس والملك عبدالله الثاني يترك لجون كيري مهمة متابعة تفعيل هذه الاقتراحات التي ستكون عنوان المرحلة القادمة لتحريك المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
jaser@al-jazirah.com.sa